للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمير المؤمنين إن كان من بعده وعثمان ابن أمير المؤمنين إن كان بعد الحكم على السمع والطاعة؛ وإن حدَث بواحد منهما حدث فأميرُ المؤمنين أملك في ولده ورعيته، يقدّم من أحبّ، ويؤخر مَنْ أحبّ. عليك بذلك عهد الله وميثاقه؛ فقال الشاعر في ذلك:

نبايع عُثمانَ بَعْدَ الوَليـ ... ـد لِلعَهْدِ فينا ونرْجُو يَزِيدا

كما كان إذا ذاك في ملكهِ ... يَزِيدُ يُرَجِّي لذاك الوَليدا

عَلَى أَنَّها شَسَعَتْ شَسْمعَةً ... فنحْنُ نومّلُها أَن تَعُودا

فإنْ هِيَ عَادَت فأَرْض القَريـ ... ـب عنها لِيؤيِسَ منها البَعِيدا

قال أحمد: قال عليّ عن شيوخه الذين ذكرت: فقدِم عقّال بن شبَّة وعبد الملك بن نُعيم على نَصْر، وقدما بالكتاب وهو:

أما بعدُ؛ فإنّ الله تباركتْ أسماؤه، وجلّ ثناؤه، وتعالي ذكره، اختار الإسلام دينًا لنفسه، وجعله دين خيرته من خَلْقه، ثم اصطفي من الملائكة رُسُلًا ومن الناس؛ فبعثهم به، وأمرهم به؛ وكان بينهم وبين مَن مضي من الأمم، وخلا من القرون قَرْنًا فقرْنًا يدعون إلى التي هي أحسن، ويهدون إلى صراط مستقيم؛ حتى انتهت كرامة الله في نبوّته إلى محمد صلوات الله عليه؛ على حين دُروسٍ من العلم، وعميً من الناس، وتشتيت من الهوي، وتفرّقٍ من السبُل، وطموسٍ من أعلام الحق؛ فأبان الله به الهُدَي، وكشف به العمي، واستنقذ به من الضلالة والرّدَي، وأبهج به الدين؛ وجعله رحمةً للعالمين، وختم به وحَيه، وجمع له ما أكرم به الأنبياء قبله؛ وقفَّي به على آثارهم؛ مصدّقًا لما نزل معهم، ومهيمنًا عليه، وداعيًا إليه، وآمرًا به؛ حتى كان مَنْ أجابه من أمته، ودخل في الدين الذي أكرمهم الله به، مصدّقين لما سلف من أنبياء الله فيما يكذّبهم فيه قومُهم، منتصحين لهم فيما يُنهونه، ذابّين لحُرمهم عما كانوا منتهكِين؛ معظمين منها لما كانوا مصغّرين؛ فليس من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - أحدٌ كان يسمع لأحد من أنبياء الله فيما بعثه الله به مكذبًا، ولا عليه في ذلك طاعنًا، ولا له مؤذيًا بتسفيه له، أو ردٍّ عليه. أو جحد ما أنزل الله عليه ومعه، فلم يبقَ كافر إلا استحلّ بذلك دمَه، وقطع الأسباب التي كانت بينه وبينه؛ وإن كانوا آباءهم أو أبناءهم أو عشيرتَهم، ثم استخلف خلفاءه على منهاج نبوتّه؛ حين قبض نبيَّه - صلى الله عليه وسلم -، وختَم به وحَيه لإنفاذ

<<  <  ج: ص:  >  >>