ذكر عليّ عن شيوخه: أن يوسف كتب إلى نَصْر بذلك، وأمرَه أن يقدَم معه بعياله أجمعين، فلما أتي نصرًا كتابه، قسّم على أهل خراسان الهدايا وعلي عُمّاله، فلم يدعْ بخُراسان جاريةً ولا عبدًا ولا بِرذوْنا فارهًا إلا أعدَّه، واشتري ألف مملوك، وأعطاهم السلاح، وحملهم على الخيل.
قال: وقال بعضهم: كان قد أعدَّ خمسمئة وصيفة، وأمر بصنعة أباريق الذّهب والفِضَّة وتماثيل الظباء ورؤوس السّباع والأيايل وغير ذلك؛ فلما فرغ من ذلك كله كتب إليه الوليد يستحثّه، فسّرح الهدايا حتى بلغ أوائلها بَيْهق؛ فكتب إليه الوليد يأمره أن يبعث إليه ببرابط وطنابير، فقال بعض شعرائهم:
فأَبْشِرْ يا أَمِينَ اللـ ... ـهِ أَبشِرْ بتَباشِيْر
قال: وقدم الأزرق بن قرّة المِسمَعيُّ من التِّرمذ أيام هشام على نصر، فقال لنصر: إنْي أريتُ الوليد بن يزيد في المنام؛ وهو وليّ عهد شبه الهارب من هشام، ورأيتُه على سرير، فشرب عسلًا وسقاني بعضه، فأعطاه نصر أربعة آلاف دينار وكُسوة، وبعثه إلى الوليد، وكتب إليه نصر.
فأتي الأزرقُ الوليد، فدفع إليه المال والكسوة، فسُرّ بذلك الوليد، وألطف الأزرق، وجزي نصرًا خيرًا، وانصرف الأزرق، فبلغه قبل أن يصل إلى نَصْر موتُ هشام، ونصر لا علم له بما صنع الأزرق، ثم قدم عليه فأخبره؛ فلمّا ولي الوليدُ كتب إلى الأزرق وإلي نصر، وأمر رسوله أن يبتدئ بالأزرق فيدفع إليه كتابه، فأتاه ليلًا، فدفع إليه كتابه وكتاب نصر، فلم يقرأ الأزرق كتابه، وأتي نصرًا بالكتابين؛ فكان في كتاب الوليد إلى نصر يأمره أن يتّخذ له برابط وطنابير وأباريق ذهب وفضة، وأن يجمع له كلَّ صَنّاجة بخراسان يقدر عليها، وكلَّ بارئ