للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلافة، وما خرج زيد إلا عن رأي خالد؛ والدليل على ذلك نزولُ خالد بالقرية على مَدْرجة العراق يستنشي (١) أخبارها.

فسكت هشام حتى فرغ من قراءة الكتاب، ثم قال للحكم بن حَزْن القينيّ - وكان على الوفد، وقد أمره يوسف بتصديق ما كتَب به، ففعل - فقال له هشام: كذبت وكذبَ مَنْ أرسلك؛ ومهما اتَّهمنا خالدًا فلسنا نتَّهمه في طاعة؛ وأمر به فوجِئَتْ عنقه، وبلغ الخبرُ خالدًا فسار حتى نزل دمشق فأقام حتى حضرت الصائفة، فخرج فيها ومعه يزيد وهشام ابنا خالد بن عبد الله؛ وعلى دمشق يومئذ كلثوم بن عِيَاض القسريّ، وكان متحاملًا على خالد؛ فلما أدربوا (٢) ظهر في دور دمشق حريق؛ كلّ ليلة يلقيه رجل من أهل العراق يقال له أبو العمرَّس وأصحاب له؛ فإذا وقع الحريق أغاروا يسرقون، وكان إسماعيل بن عبد الله والمنذر بن أسد بن عبد الله وسعيد ومحمد ابنا خالد بالساحل لحدث كان من الروم؛ فكتب كلثوم إلى هشام يذكر الحريق، ويخبره أنه لم يكن قطّ؛ وأنه عمَلُ موالي خالد؛ يريدون الوثوب على بيت المال، فكتب إليه هشام يأمره أن يحبس آل خالد؛ الصغير منهم والكبير، ومواليهم والنساء؛ فأخذ إسماعيل والمنذر ومحمد وسعيد من الساحل فقدِم بهم في الجوامع ومَن كان معهم من مواليهم؛ وحبس أمّ جرير بنت خالد والرّائقة وجميع النساء والصبيان؛ ثم ظهر على أبي العمرّس؛ فأخذ ومَن كان معه، فكتب الوليد بن عبد الرحمن عامل خراج دمشق إلى هشام يخبره بأخذ أبي العمرّس ومَن كان معه، سماهم رجلًا رجلًا، ونسبهم إلى قبائلهم وأمصارهم، ولم يُذكر فيهم أحد من موالِي خالد، فكتب هشام إلى كلثوم يشتِمه ويعنّفه، ويأمره بتخلية سبيل جميع من حبس منهم، فأرسلهم جميعًا واحتبس الموالي رجاء أن يكلمه فيهم خالد إذا قدم من الصائفة، فلما أقبل الناس وخرجوا عن الدّرب بلغ خالدًا حبسُ أهله، ولم يبلغه تخليتُهم؛ فدخل يزيد بن خالد في غمار الناس حتى أتى حمص، وأقبل خالد حتى نزل منزله من دمشق، فلما أصبح أتاه الناس، فبعث إلى ابنتيه: زينب وعاتكة؛ فقال: إني قد كبِرت وأحببت أن تليَا خدمتي؛ فسُرَّتا بذلك - ودخل عليه إسماعيل أخوه ويزيد


(١) يستنشي الأخبار: يبحث عنها. القاموس المحيط ص ١٧٣٠.
(٢) يقال: أدرب القوم؛ إذا دخلوا أرض العدو من بلاد الروم. القاموس المحيط ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>