كلَّها، حتى دفعنا إليهم؛ فلما متَع (١) النهار واشتدّ الحرّ، ودوابنا قد كلّت وثقل علينا الحديد، دنوت من مسرور بن الوليد، فقلت له - وسليمان يسمع كلامي: أنشدك الله يا أبا سعيد أن يُقدِم الأمير جندَه إلى القتال في هذه الحال! فأقبل سليمان فقال: يا غلام، أصبر نفسَك، فوالله لا أنزل حتى يقضيَ الله بيني وبينهم ما هو قاض، فتقدَّم وعلى ميمنتِه الطُّفيل بن حارثة الكلبيّ، وعلى ميسرته الطُّفَيل بن زرارة الحبشيّ، فحملوا علينا حَمْلة، فانهزمت الميمنة والميسرة أكثر من غَلْوتين، وسليمان في القلْب لم يزُل من مكانه؛ ثم حمل عليهم أصحاب سليمان حتى ردّوهم إلى موضعهم، فلم يزالوا يحملون علينا ونحمل عليهم مرارًا، فقتِل منهم زُهاء مئتي رجل، فيهم حرب بن عبد الله بن يزيد بن معاوية، وأصيب من أصحاب سليمان نحوٌ من خمسين رجلًا، وخرج أبو الهَلباء البَهْرانيّ - وكان فارسَ أهل حمْص - فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه حَيّة بن سلامة الكلبيّ فطعنه طعنة أذراه عن فرسه، وشدّ عليه أبو جعدة (مولىً لقريش من أهل دمشق) فقتله، وخرج ثُبيت بن يزيد البهرانيّ، فدعا إلى المبارزة، فخرج إليه إيراك السُّغديّ، من أبناء ملوك السُّغد كان منقطعًا إلى سليمان بن هشام - وكان ثبيت قصيرًا، وكان إيراك جسيمًا - فلما رآه ثُبيت قد أقبل نحوه استطرد، فوقف إيراك ورماه بسهم فأثبت عضلة ساقه إلى لبْده، قال: فبينا هم كذلك إذ أقبل عبد العزيز من ثَنيّة العُقَاب، فشدّ عليهم، حتى دخل عسكرهم فقتَل ونفذ إلينا.
[قال أحمد]: قال عليّ: قال عمرو بن مروان: فحدّثني سليمان بن زياد الغسانيّ قال: كنت مع عبد العزيز بن الحجاج: فلما عاين عسكر أهل حمص، قال لأصحابه: موعدكم التلَّ الذي في وسط عسكرهم؛ والله لا يتخلّف منكم أحدٌ إلّا ضربتُ عنقه. ثم قال لصاحب لوائه: تقدّم، ثم حمل وحملنا معه؛ فما عرض لنا أحد إلا قُتِل حتى صرنا على التلّ، فتصدّع عسكرهم، فكانت هزيمتهم، ونادى يزيد بن خالد بن عبد الملك القسريّ: الله الله في قومك! فكفّ الناس، وكره ما صنع سليمان وعبد العزيز؛ وكاد يقع الشرّ بين الذَّكوانيَّة وسليمان وبين بني عامر من كلْب، فكفُّوا عنهم، علَى أن يبايعوا ليزيد بن الوليد، وبعث