الإسلام، فلم يكرم الله بالخلافة أحدًا يأخذ بأمر الله وينتهي إليه فيناوئه أحدٌ بميثاق أو يحاول صرف ما حباه الله به، أو ينكث ناكث إلّا كان كيدُه الأوْهن، ومكرُه الأبور؛ حتى يتمّ الله ما أعطاه، ويدّخر له أجره ومثوبته، ويجعل عدوّه الأَضَلّ سبيلًا، الأخسرَ عملًا.
فتناسخت خلفاء الله ولاة دينه، قاضين فيه بحُكْمه، متبعين فيه لكتابه؛ فكانت لهم بذلك من ولايته ونصرته ما تمّت به النعم عليهم، قد رضي الله بهم لها حتى توفي هشام.
ثم أفضى الأمر إلى عدوّ الله الوليد المنتهك للمحارم التي لا يأتي مثلها مُسلم، ولا يُقدِم عليها كافر؛ تكرُّمًا عن غشيان مثِلها، فلما استفاض ذلك منه واستعلن، واشتدّ فيه البلاء، وسُفِكت فيه الدماء، وأخِذَت الأموال بغير حقها؛ مع أمور فاحشة، لم يكن الله ليمليَ للعاملين بها إلا قليلًا، سرتُ إليه مع انتظار مراجعته، وإعذار إلى الله وإلى المسلمين، منكرًا لعمله وما اجترأ عليه من معاصي الله، متوخّيًا من الله وإلى المسلمين، منكرًا لعمله وما اجترأ عليه من معاصي الله، متوخّيًا من الله إتمام الذي نويتُ؛ من اعتدال عمود الدين، والأخذ في أهله بما هو رضا، حتى أتيت جندًا، وقد وَغرَتْ صدورهم على عدوِّ الله، لما رأوا من عمله؛ فإنّ عدوّ الله لم يكن يرى من شرائع الإسلام شيئًا إلا أراد تبديلَه، والعمل فيه بغير ما أنزل الله؛ وكان ذلك منه شائعًا شاملًا عريان لم يجعل الله فيه سترًا، ولا لأحد فيه شكًّا، فذكرتُ لهم الذي نَقِمتُ وخِفت من فساد الدين والدنيا، وحَضَضْتهم على تلافِي دينهم والمحاماة عنه؛ وهم في ذلك مُستريبون، قد خافوا أن يكونوا قد أبقوْا لأنفسهم بما قاموا عليه، إلى أن دعوتُهم إلى تغييره فأسرعوا الإجابة.
فابتعث الله منهم بعثًا يخبرهم من أولي الدين والرضا، وبعثت عليهم عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك، حتى لقىِ عدوَّ الله إلى جانب قرية يقال لها البَخْراء، فدعوْه إلى أن يكون الأمر شورَى، ينظر المسلمون لأنفسهم مَنْ يقلدونه ممّن اتفقوا عليه، فلم يجب عدوّ الله إلى ذلك؛ وأبى إلّا تتايُعًا في ضلالته؛ فبدرهم الحملة جهالة بالله، فوجد الله عزيزًا حكيمًا، وأخْذَه أليمًا شديدًا، فقتله الله على سوء عمله وعُصبتَه؛ ممن صاحبوه من بطانته الخبيثة،