نصر حتى قبض على يدي وأدخلني؛ فلم يكلمني حتى صرتُ في البيت، فسألني فأخبرته، فقال لحميد مولاه: انطلق به؛ فائتِه بجائزة؛ ثم أتاني يونس بن عبد ربّه وعبيد الله بن بسام فأخبرتهما، وأتاني سلم بن أحْوَز فأخبرتُه، قال: وكان خبر يوسف عند نصر، فأتوه حين بلغهم الخبر، فأرسل إليّ فلما أخبرتهم كذبوني فقلت: استوثق من هؤلاء؛ فلما مضت ثلاث على ذلك؛ جعل على ثمانين رجلًا حَرسًا، فأبطأ الخبر على ما كنت قدّرت، فلما كانت الليلة التاسعة - وكانت ليلة نوروز - جاءهم الخبر على ما وصفتُ، فصرف إليّ عامة تلك الهدايا، وأمر لي ببرذْون بسرجه ولجامه، وأعطاني سَرْجًا صينيًّا، وقال لي: أقم حتى أعطيَك تمام مئة ألف، قال: فملا تيقّن نصر قتل الوليد ردَّ تلك الهدايا، وأعتق الرقيق، وقسم روقة (١) الجواري في ولده وخاصّته وقسم تلك الآنية في عوامّ الناس، ووجّه العمال، وأمرهم بحسن السيرة.
قال: وأرجفت الأزد في خراسان أن منصور بن جمهور قادم خراسان؛ فخطب نصر، فقال في خطبته: إن جاءنا أميرٌ ظنين قطعنا يديه ورجليه. ثم باح به بعدُ؛ فكان يقول: عبد الله المخذول المثبور.
قال: وولّى نصر بن سيار ربيعة واليمن، وولّى يعقوب بن يحيى بن حضين على أعلى طُخارستان، ومسعدة بن عبد الله اليشكريّ على خُوَارَزْم؛ وهو الذي يقول فيه خلَف:
أقلوُ لأَصحابي معًا دون كَردَرٍ ... لمَسْعَدةُ البكرىّ غَيثُ الأَرامِلِ
ثم أتبعه بأبان بن الحكم الزهرانيّ؛ واستعمل المغيرة بن شعبة الجهضميّ على قُهِستان وأمرهم بحسن السيرة، فدعا الناس إلى البيعة فبايعوه، فقال في ذلك:
أقولُ لِنَصْرٍ وبايعتُهُ ... على جُلِّ بكرٍ وأحلافِها
يَدِي لك رَهْنٌ بِبَكْرِ العرا ... قِ سَيِّدِها وابنِ وَصَّافها
أَخَذْتُ الوثيقَةَ للمسلمينَ ... لأَهلِ البلاد وأُلَّافِها
(١) روقة الجواري، أي: حسانهم. القاموس المحيط ص ١١٤٧، وفي ابن الأثير: "حسان الجواري".