والسجن مدخله، ولتجدّني غشمشمًا، أغْشَى الشَّجر، ولتستقيمُنّ لي على الطريقة ورفض البكّارة في السنن الأعظم، أو لأصكّنكم صكّ القطاميّ القطا القاربَ يصكهنّ جانبًا فجانبًا.
قال: فقدم رجل من بَلْقين خراسان، وجّهه منصور بن جمهور، فأخذه مولىً لنصر، يقال له حميد، كان على سكّة بنيسابور؛ فضربه وكسر أنفه، فشكاه إلى نصر، فأمر له نصر بعشرين ألفًا وكساه، وقال: إنّ الذي كسر أنفك مولىً لي وليس بكفء فأقضك منه، فلا تقلْ إلّا خيرًا. [قال: ما قبلت جائزتك، وأنا أريد ألا أذكر إلا خيرًا].
قال عصمة بن عبد الله الأسديّ: يا أخا بَلْقَين، أخبر مَنْ تأتي أنا قد أعددنا قيسًا لربيعة وتميمًا للأزد، وبقيت كنانة، ليس لها مَن يكافئها، فقال نصر: كلما أصلحتُ أمرًا أفسدتموه!
قال أبو زيد عمر بن شبّة: حدثني أحمد بن معاوية عن أبي الخطاب، قال: قدم قدامة بن مصعب العبديّ ورجلٌ من كندة على نَصْر بن سيّار من قِبَل منصور بن جمهور، فقال: أمات أمير المؤمنين؟ قالا: نعم، قال: وولِيَ منصور بن جمهور وهرب يوسف بن عمر عن سرير العراق؟ قالا: نعم، قال: أنا بجمهوركم من الكافرين، ثم حبسهما ووشَع عليهما، ووجّه رجلًا حتى أتى فرأى منصورًا يخطب بالكوفة، فأخرجهما، وقال لقدامة: أوليَكم رجل من كلب؟ قال: نعم؛ إنما نحن بين قيس واليمن، قال: فكيف لا يولاها رجل منكم! قال: لأنا كما قال الشاعر:
إذا ما خَشِينا مِنْ أَمير ظُلَامَةً ... دَعَوْنا أَبا غَسَّانَ يومًا فَعَسْكَرَا
فضحك نصر، وضمّه إليه.
قال: ولما قدم منصور بن جمهور العراق ولّى عبيد الله بن العباس الكوفَة - أو وجده واليًا عليها فأقرّه - وولّى شرطتَهُ ثمامة بن حوشب ثم عزَله وولّى الحجاج بن أرطاة النخعيّ [٧/ ٢٧٧ - ٢٨٠].