أشبه محمدًا ولا مروان (١) - غير أن رأيت غِيَرًا - إن لم أشمّر للقدريّة إزاري، وأضربهم بسيفي جارحًا وطاعنًا، يرمي قضاء الله بي في ذلك حيث أخذ، أو يرمي بهم في عقوبة الله حيث بلغ منهم فيها رضاه؛ وما إطراقي إلّا لما أنتظر مما يأتيني عنك، فلا تهن عن ثأرك بأخيك، فإنّ الله جارُك وكافيك، وكفى بالله طالبًا ونصيرًا.
حدثني أحمد، عن عليّ، عن عمرو بن مروان الكلبيّ، عن مسلم بن ذَكْوان، قال: كلّمَ يزيد بن الوليد العباسَ بن الوليد في طُفَيل بن حارثة الكلبيّ، وقال: إنه حَمل حَمالة، فإن رأيتَ أن تكتب إلى مروان بن محمد في الوصَاة به، وأن يأذن له أن يسأل عشيرته فيها - وكان مروان يمنعُ الناس أن يسألوا شيئًا من ذلك عند العطاء - فأجابه وحمله على البريد.
وكان كتاب العباس ينفذ في الآفاق بكلّ ما يكتب به، وكتب يزيد إلى مروان أنه اشترى من أبي عبيدة بن الوليد ضَيعَة بثمانية عشر ألف دينار، وقد احتاج إِلى أربعة آلاف دينار. قال مسلم بن ذكوان: فدعاني يزيد، وقال: انطلق مع طُفيل بهذا الكتاب، وكلِّمه في هذا الأمر، قال: فخرجنا ولم يعلم العباسُ بخروجي، فلما قدمنا خِلاط، لقينا عمرو بن حارثة الكلبيّ، فسألَنا عن حالنا فأخبرناه، فقال: كذبتما؛ إن لكما ولمروان لقصّةً، قلنا: وما ذاك؟ قال: أخْلَاني حين أردت الخروج، وقال لي: جماعة أهل المِزَّة يكونون ألفًا؟ قلت: وأكثر، قال: وكم بينها وبين دمشق؟ قلت: يسمعهم المنادي، قال: كم ترى عدّة بني عامر؟ (يعني بني عامر من كلْب)، قلت: عشرون ألف رجل، فحرّك أصبعه، ولوى وجهه، قال مسلم: فلما سمعت ذلك طمعتُ في مرْوان، وكتبت إليه على لسان يزيد: أما بعد، فإنني وجهت إليك ابنَ ذكوان مولاي بما سيذكره لك، ويُنْهيه إليكَ، فألق إليه ما أحببتَ، فإنه من خيار أهلي وثقات مواليّ؛ وهو شعب حصين، ووعاء أمين؛ إن شاء الله، فقدمنا على مَرْوان، فدفع طُفَيل كتاب العبالس إلى الحاجب، وأخبره أنّ معه كتاب يزيد بن الوليد، فقرأه، فخرج الحاجب، وقال: أما معك كتاب غير هذا، ولا أوصاك بشيء! قلت: لا, ولكني