للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الأسواق كالجزُر المنحورة؛ إنه لم تطل ولاية رجل إلا ملّوها؛ وأنتم يا أهلَ خراسان؛ مسلحة في نحور العدوّ، فإياكم أن يختلف فيكم سيفان.

قال عليّ: قال عبد الله بن المبارك، قال نصر في خطبته: إني لمكفِّر ومع ذلك لمظَلِّم؛ وعسى أن يكون ذلك خيرًا لي، إنكم تغشوْن أمرًا تريدون فيه الفتنة، فلا أبقى الله عليكم، والله لقد نشرتكم وطويتكم، وطويتكم ونشرتكم، فما عندي منكم عشرة. وإني وإياكم كما قال مَن كان قبلكم:

اسْتَمْسِكُوا أصحابَنا نَحدُو بكمْ ... فقد عرفنا خَيركم وشَرَّكمْ

فاتقوا الله، فوالله لئن اختلف فيكم ليتمنَّينّ الرجل منكن أن يُخلع من ماله وولده ولم يكنِ رآه، يا أهل خراسان، إنكم غمطتم الجماعة وركنتم إلى الفرقة، أسلطان المجهول تريدون وتنتظرون! إنه فيه لهلاككم معشر العرب، وتمثَّل بقول النابغة الذبيانيّ:

فإنْ يَغْلِبْ شَقاؤكُمُ عليكمْ ... فإني في صَلَاحِكُم سَعَيْتُ

وقال الحارث بن عبد الله بن الحشرج بن المغيرة بن الورد الجعديّ:

أبِيتُ أَرعى النجومَ مرْتَفِقًا ... إذا استَقَلَّتْ تَجْرِي أوائِلُها

مِنْ فِتنَةٍ أصبحَتْ مجَلِّلةً ... قد عَمَّ أهلَ الصَّلاةِ شامِلُها

مَنْ بِخُرَاسانَ والعراقِ ومَنْ ... بالشامِ كلٌّ شَجاهُ شاغِلها

فالناسُ منها في لونِ مَظلمةٍ ... دَهْماءَ ملتَجَّةٍ غَياطِلُها

يمْسِي السّفِيه الذي يُعنَف بالـ ... جَهْل سواءً فيها وعاقلها

والناسُ في كُرْبَةٍ يَكاد لها ... تَنبِذُ أولادَها حَوامِلُها

يَغدون منها في ظلّ مُبْهَمَةٍ ... عمياءَ تغتَالهم غوائلها

لا يَنظُر الناس في عواقبِها ... إلَّا التي لا يبِين قائلها

كرَغوَةِ البَكرِ أَوْ كَصَيْحَةِ حُبْ ... ـلى طرَقتْ حولها قوابُلها

فجاء فينا أزرَى بِوجْهَتِهِ ... فيها خُطوبٌ حُمْرٌ زَلازِلها

قال: فلما أتى نصرًا عهده من قبَل عبد الله بن عمر قال الكِرْماني لأصحابه: الناس في فتنة؛ فانظروا لأموركم رجلًا - وإنما سُمّي الكرمانيّ لأنه ولد بكرْمان، واسمه جُدَيع بن عليّ بن شبيب بن بَراري بن صُنيم المعنيّ - فقالوا: أنت لنا، فقالت المضريّة لنصر: الكرمانيّ يفسد عليك؛ فأرْسِل إليه فاقتله، [أو

<<  <  ج: ص:  >  >>