للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيره، فجاء رجل من أهل نَسَف، فقال لجعفر غلام الكِرمانيّ: ما تجعلون لي إن أخرجته؟ قالوا: لك ما سألت، فأتى مجرى الماء من القهندز فوسّعه، وأتى ولد الكرمانيّ، وقال لهم: اكتبوا إلى أبيكم يستعدّ الليلة للخروج، فكتبوا إليه، وأدخلوا الكتاب في الطعام، فدعا الكرمانيّ يزيد النحويّ وحصين بن حكم فتعشَّيا معه وخرجا، ودخل الكرمانيّ السرب، فأخذوا بعَضُده، فانطوت على بطنه حيّة فلم تضرّه، فقال بعض الأزد: كانت الحيّة أزْدية فلم تضرّه.

قال: فانتهى إلى موضع ضيق فسحبوه فسُحج منكبه وجنبه، فلما خرج ركب بغلته دوّامة - ويقال: بل ركب فرسه البشير - والقيْد في رجله، فأتوْا به قرية تسمى غلَطان، وفيها عبد الملك بن حَرْملة، فأطلق عنه.

قال عليّ: وقال أبو الوليد زهير بن هنيد العدويّ: كان مع الكِرمانيّ غلامه بسّام، فرأى خرقًا على القهندز، فلم يزل يوسعه حتى أمكنه الخروج منه. قال: فأرسل الكِرمانيّ إلى محمد بن المثنى وعبد الملك بن حَرْملة: إني خارج الليلة، فاجتمعوا وخرج فأتاهم فَرْقد مولاه، فأخبرهم، فلقوه في قرية حزب بن عامر، وعليه ملْحفة متقلدًا سيفًا، ومعه عبد الجبار بن شعيب وابنا الكرمانيّ: عليّ وعثمان، وجعفر غلامه، فأمر عمرو بن بكر أن يأتيَ غَلطان وأندَغ وأشْتُرْجَ معًا، وأمرهم أن يوافُوه على باب الرّيان بن سنان اليَحمديّ بنَوش في المرج - وكان مصلّاهم في العيد - فأتاهم فأخبرهم، فخرج القومُ من قراهم في السلاح، فصلَّى بهم الغَداة، وهم زهاء ألف، فما ترجّلت الشمس حتى صاروا ثلاثة آلاف، وأتاهم أهل السقادم، فسار على مَرْج نيران حتى أتى حَوْزان، فقال خلف بن خليفة:

أَصْحِروا لِلمَرْج أَجْلَى لِلعَمَى ... فلقد أَصْحَرَ أصحاب السَّربْ

إنَّ مَرْجَ الأَزدِ مَرْجٌ واسعٌ ... تَسْتَوي الأَقدام فِيهِ والرُّكبْ

وقيل: إن الأزْد بايعت لعبد الملك بن حَرْملة على كتاب الله عزّ وجلّ ليلة خرج الكِرمانيّ، فلما اجتمعوا في مَرْج نَوْش أقيمت الصلاة، فاختلف عبد الملك والكِرمانيّ ساعة، ثم قدمه عبد الملك، وصيَّروا الأمر له، فصلى الكِرمانيّ، ولما هَرَب الكِرمانيّ أصبح نصر معسكرًا بباب مرْو الرّوذ بناحية إبردانَة، فأقام يومًا أو يومين.

<<  <  ج: ص:  >  >>