الزّاب، أمرني أمير المؤمنين بكذا وكذا، فقال: أنا معك؛ فرجع معه وهو حاسر، لا درَع عليه؛ وكان من قوّاد الضّحاك أيضًا وكان أشدّ الناس، فانتهوا إلى الباب فأضرموه، فأخرج لهم عبد الله بن عمر منصورَ بن جمهور في ستمئة فارس من كلْب، فقاتلوهم أشدّ القتال، وجعل عبد الملك بن علقمة يشدّ عليهم وهو حاصر؛ فقتل منهم عِدّة، فنظر إليه منصور بن جمهور، فغاظه صنيعه، فشدّ عليه فضربه على حبل عاتقه فقطعه حتى بلغ حَرْقفته؛ فخرّ ميتًا، وأقبلت امرأة من الخوارج شادَة؛ حتى أخذت بلجام منصور بن جمهور، فقالت: يا فاسق، أجب أمير المؤمنين، فضرب يدها - ويقال: ضرب عنان دابته فقطعه في يدها - ونجا.
فدخل المدينة الخيبريّ يريد منصورًا، فاعترض عليه ابنُ عمّ له من كلْب، فضربه الخيبريّ فقتله؛ [فقال حبيب بن خدرة مولى بني هلال]- وكان يزعم أنه من أبناء ملوك فارس - يرثي عبد الملك بن علقمة:
وقائلة وَدَمْعُ العَيْن يجري ... على روح ابن علقَمَة السَّلام
ثم إنّ منصورًا قال لابن عمر: ما رأيتُ في الناس مثل هؤلاء قطّ - يعني الشُّراة - فلم تحاربهم وتشغلهم عن مروان؟ أعطهم الرّضا، واجعلهم بينك وبين مرْوان، فإنك إن أعطيتهم الرّضا خلَّوْا عنا ومضْوا إلى مروان، فكان حدُّهم وبأسهم عليه، وأقمتَ أنت مستريحًا بموضعك هذا؛ فإن ظفروا بها كان ما أردْتَ وكنتَ عندهم آمنًا، وإن ظفر بهم وأردت خلافَه وقتاله قاتلته جامًّا مستريحًا؛ مع أن أمره وأمرهم سيطول، ويوسعونه شرًّا، فقال ابن عمرُ: لا تعجل حتى نتلوّم وننظر، فقال: أيّ شيء ننتظر!
فما تستطيع أن تطلع معهم ولا تستقرّ؛ وإن خرجنا لم نقم لهم، فما انتظارنا بهم ومروان في راحة، وقد كفيناه حدَّهم وشغلناهم عنه! أما أنا فخارج لاحقٌ بهم، فخرج فوقف حيال صفِّهم وناداهم: إني جانحٌ أريد أن أسلِم وأسمع كلام الله - قال: وهي محنتهم - فلحق بهم فبايعهم، وقال: قد أسلمتُ، فدعوْا له