قال: فنزل ابن عمر منزلَ الحجاج بن يوسف بواسط - فيما قيل - في اليمانية ونزل النّضر وأخوه سليمان ابنا سعيد وحنظلة بن نُباتة وابناه محمد ونباتة في المضريّة ذات اليمين إذا صعدتَ من البصرة، وخلوا الكوفة والحيرة للضّحاك والشُّراة، وصارت في أيديهم وعادت الحرب بين عبد الله بن عمر والنَّضْر بن سعيد الحرَشيّ إلى ما كانت عليه قبل قدوم الضّحاك يطلب النضر أن يسلم إليه عبد الله بن عمر ولايةَ العراق بكتاب مَرْوان، ويأتِي عبد الله بن عمر واليمانية مع ابن عمر والنزارية مع النّضْر، وذلك أن جند أهل اليمن كانوا مع يزيد الناقص تعصّبًا على الوليد حيث أسلم خالد بن عبد الله القسريّ إلى يوسف بن عمر حتى قتله؛ وكانت القيسية مع مَرْوان، لأنه طلب بدم الوليد - وأخوال الوليد من قيس، ثم من ثقيف، أمّه زينب بنت محمد بن يوسف ابنة أخي الحجاج - فعادت الحرب بين ابن عمر والنّضر، ودخل الضحاك الكوفة فأقام بها، واستعمل عليها مِلْحَان الشيبانيّ في شعبان سنة سبع وعشرين ومئة، فأقبل منقضًّا في الشّراة إلى واسط، متبعًا لابن عمر والنضر، فنزل باب المِضْمار.
فلما رأى ذلك ابنُ عمر والنضرْ نكلا عن الحرب فيما بينهما، وصارت كلمتهما عليه واحدة؛ كما كانت بالكوفة؛ فجعل النضْر وقوّاده يعبرُون الجسر، فيقاتلون الضّحاك وأصحابه مع ابن عمر ثم يعودون إلى مواضعهم، ولا يقيمون مع ابن عمر؛ فلم يزالوا على ذلك: شعبان وشهر رمضان وشوال، فاقتتلوا يومًا من تلك الأيام، فاشتدّ قتالهم، فشدّ منصور بن جمهور على قائد من قوّاد الضحاك، كان عظيم القَدْر في الشُّراة، يقال له عكرمة بن شيبان، فضربه على باب القورَج، فقطعه باثنين فقتله، وبعث الضحاك قائدًا من قوّاده يدعى شوالًا من بني شيبان إلى باب الزّاب، فقال: اضرمْه عليهم نارًا، فقد طال الحصار علينا، فانطلق شوّال ومعه الخيبريّ؛ أحد بني شيبان في خيلهم، فلقيَهم عبدُ الملك بن علقمة، فقال لهم: أين تريدون؟ فقال له شوّال: نريد باب