للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خالفه، فردّ إليهم: إنّي أحذّركم وأنذركم أن تعرضوا لأحد ممّن تبعني من جنْدي أو يناله منكم أذىً، فتحلُّوا بأنفسكم؛ ولا أمانً لكم عندي، فأرسلوا إليه: إنا سنكفّ.

ومضى مرْوان، فجعلوا يخرجون من حصنهم، فيغيرون على من اتّبعه من أخريات الناس وشذاذ الجند؛ فيسلبونهم خيولَهم وسلاحَهم، وبلغه ذلك، فتحرّق عليهم غيظًا، واجتمع إلى سليمان نحوٌ من سبعين ألفًا من أهل الشام والذّكْوانية وغيرهم، وعسكر في قرية لبني زفر يقال له خُسَاف من قِنسَّرين من أرضها، فلما دنا منه مَرْوان قدّم السكسكيّ في نحو سبعة آلاف، ووجّه مرْوان عيسى بن مسلم في نحو من عدّتهم، فالتقوْا فيما بين العسكرين، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، والتقى السكسكيّ وعيسى، وكلّ واحد منهما فارس بطل، فاطّعنا حتى تقصّفت رماحهما، ثم صارا إلى السيوف، فضرب السكسكيُّ مقدّم فرس صاحبه، فسقط لجامُه في صدره، وجال به فرسه، فاعترضه السَّكسكيّ، فضربه بالعمود فصرعه، ثم نزل إليه فأسره، وبارز فارسًا من فرسان أنطاكيَة، يقال له سلساق قائد الصّقالية، فأسره، وانهزمت مقدّمة مروان وبلغه الخبر وهو في مسيره، فمضى وطوى على تعبية، ولم ينزل حتى انتهى إلى سليمان، وقد تعبّأ له، وتهيّأ لقتاله، فلم يناظره حتى واقعه فانهزم سليمان ومَن معه، وأتْبعتهم خيوله تقتلهم وتأسرهم؛ وانتهوا إلى عسكرهم فاستباحوه، ووقف مروان مَوقِفًا، وأمر ابنيه فوقفا موقفين، ووقف كوثر صاحب شرطته في موضع، ثم أمره ألّا يأتوا بأسير إلّا قتلوه إلّا عبدًا مملوكًا، فأحصِيَ مِنْ قتلاهم يومئذ نيّف على ثلاثين ألفًا.

قال: وقُتِل إبراهيم بن سليمان أكبر ولده، وأتِي بخال لهشام بن عبد الملك يقال له خالد بن هشام المخزوميّ - وكان بادنًا كثير اللحم - فأدنِيَ إليه وهو يلْهث، فقال له: يا فاسق؛ أما كان لك في خمر المدينة وقيانها ما يكفُّك عن الخروج مع الحرّاء تقاتلني! قال: يا أمير المؤمنين، أكرهني، فأنشِدك الله والرّحم! قال: وتكذب أيضًا! كيف أكرهَك وقد خرجتَ بالقيان والزقاق والبَرابط معك في عسكره؟ فقتله. قال: وادّعى كثير من الأسَراء من الجند أنهم رقيق، فكفّ عن قتلهم، وأمر ببيعهِم فيمن يزيد مع ما بيع مما أصيب في عسكرهما (١).


(١) في المتن نكارة واضحة. فخال هشام معروف، ولا داعي إلى هذه العبارة (وأتِي بخال ... ) =

<<  <  ج: ص:  >  >>