قال: ومضى سليمان مفلولًا حتى انتهى إلى حِمْص؛ فانضمّ إليه من أفلت ممّن كان معه، فعسكر بها، وبنى ما كان مروان أمر بهدمه من حيطانها، ووجّه مَرْوان يوم هزمه قوّادًا، وروابط في جَرِيدة خيل، وتقدّم إليهم أن يسبقوا كلَّ خبر؛ حتى يأتوا الكامل، فيحدقوا بها إلى أن يأتيهم حَنقًا عليهم فأتوهم فنزلوا عليهم، وأقبل مَرْوان نحوهم حتى نزل معسكرَه من واسط، فأرسل إليهم أن انزلوا على حكمي، فقالوا: لا حتى تؤمّننا بأجمعنا، فدلَف إليهم، ونصب عليهم المجانيق، فلما تتابعت الحجارة عليهم نزلوا على حكْمِه، فمثّل بهم واحتملهم أهل الرَّقة فآووْهم، وداووا جراحاتهم، وهلك بعضُهم وبقي أكثرهم، وكانت عِدّتِهم جميعًا نحوًا من ثلثمئة، ثم شخص إلى سليمان ومَنْ تجمّع معه بحِمْص، فلما دنا منهم اجتمعوا، فقال بعضهم لبعض: حتى متى ننهزم من مروان! هلمّوا فلنتبايع على الموت ولا نفترق بعد معاينته حتى نموت جميعًا، فمضى على ذلك من فرسانهم من قد وطّن نفسه على الموت نحو من تسعمئة، وولَّى سليمان على شَطْرهم معاوية السَّكسكيّ، وعلى الشَّطر الثاني ثُبيتًا البَهرانيّ، فتوجهوا إليه مجتمعين، على أن يبيّتوه إن أصابوا منه غِرّة، وبلغه خبرهم وما كان منهم، فتحرّز وزحف إليهم في الخنادق على احتراس وتعبية، فراموا تبييته فلم يقدروا، فتهيؤوا له وكمنوا في زيتون ظَهَر على طريقه، في قرية تسمى تَل منَّس من جبل السّماق، فخرجوا عليه وهو يسير على تعبيَة، فوضعوا السلاح فيمن معه، وانتبذ لهم، ونادى خيولَه فثابت إليه من المقدمة والمجنّبتين والسَّاقة، فقاتلوهم من لَدُن ارتفاع النهار إلى بعد العَصْر، والتقى السَّكسكِيّ وفارس من فرسان بني سليم، فاضطربا، فصرعه السُّلميّ عن فرسه، ونزل إليه، وأعانه رجل من بني تميم، فأتياه به أسيرًا وهو واقف؛ فقال: الحمد لله الذي أمكَن منك فطالما بلغت منَّا! فقال: استبقني فإني فارس العرب، قال: كذبت؛ الذي جاء بك أفرسُ منك، فأمر به فأوثق، وقتل ممّن صبر معه نحو من ستة آلاف.
قال: وأفلت ثُبَيت ومَن انهزم معه، فلما أتوْا سليمان خلف أخاه سعيد بن
= وهو رجل عرف بالصلاح وانشغاله بالجهاد على الثغور؛ ومن مزايا المتون الملفقة كثرة ألفاظ السب والشتم البذئ كما ها هنا والله أعلم.