للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: فجعل الضّحاكَ لَنا مَيْسان وقال: إنها تكفيكم حتى ننظر عما تنجلي واستعمل ابن عمر عليها مولاه الحكم بن النعمان.

فأما أبو مخنف فإنه قال - فيما ذكر عنه هشام: إن عبد الله بن عمر صالح الضّحاك على أنّ بيد الضحاك ما كان غلب عليه من الكوفة وسوادها، وبيد ابن عمر ما كان بيده من كَسْكَر وميسان وِدَسْتميسان وكور دجلة والأهواز وفارس، فارتحل الضَّحاك حتى لقي مروان بكَفرْتوثَا من أرض الجزيرة.

وقال أبو عبيدة: تهيّأ الضّحاك ليسير إلى مَرْوان، ومضى النَّضْر يريد الشام، فنزل القادسيّة، وبلغ ذلك مِلْحان الشيبانيّ عامل الضَّحاك على الكوفة، فخرج إليه فقاتله وهو في قلَّة من الشَّراة، فقاتله فصبر حتى قتله النّضر، وقال ابن خدرة يرثيه وعبد الملك بن علقمة:

كائِنْ كمِلْحانَ مِنْ شارٍ أَخِي ثِقَةٍ ... وابْنِ علقَمَةَ المسْتَشهدِ الشارِي

من صادِقٍ كُنْتُ أُصْفِيهِ مخالَصتي ... فباعَ داري بأَعلى صَفْقَةِ الدارِ

إخوان صِدْقٍ أُرَجّيهمْ وأَخذلهُمْ ... أَشْكو إلى اللهِ خذلانِي وإِخفارِي

وبلغ الضّحاك قتل ملْحان، فاستعمل على الكوفة المثنّى بن عمران من بني عائدة، ثم سار الضَّحاك في ذي القَعْدة، فأخذ الموصل، وانحطّ ابن هبيرة من نهر سعيد حتى نزل غزّة من عين التَّمْر، وبلغ ذلك المثنّى بن عمران العائذيّ، عامل الضحاك على الكوفة، فسار إليه فيمَن معه من الشراة، ومعه منصور بن جمهور، وكان صار إليه حين بايع الضَّحاك خلافًا على مروان، فالتقوا بغَزّة، فاقتتلوا قتالًا شديدًا أيامًا متوالية؛ فقتل المثنى وعزيز وعمرو - وكانوا من رؤساء أصحاب الضحاك - وهرب منصور، وانهزمت الخوارج، فقال مسلم حاجب يزيد:

أَرَتْ للمثنَّى يومَ غزَّةَ حَتفَهُ ... وأذرَتْ عُزَيرًا بينَ تلكَ الجَنادل

وعمرًا أزارَتْهُ المنيَّةَ بَعْدَ ما ... أَطافَتْ بمْنصُورٍ كِفاتُ الحَبائِل

وقال غَيْلان بن حُرَيث في مدحه ابن هبيرة:

نصرْتَ يَومَ العَيْنِ إذ لقيتا ... كنَصْر داودٍ على جالُوتا

فلما قتل منهم مَنْ قتل في يوم العين، وهرب منصور بن جمهور، أقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>