الترك إلى خراسان ومصيره إلى نصر بن سيار، وما كان من نَصْر إليه، واجتماع مَن اجتمع إلى الحارث مستجيبين له، فذكر عليّ بن محمد عن شيوخه، أنَّ ابن هبيرة لما وَليَ العراق كتب إلى نصر بعهْده، فبايع لمرْوان، فقال الحارث: إنما آمنني يزيد بن الوليد، ومَرْوان لا يُجيز أمانَ يزيد، فلا آمنه، فدعا إلى البيْعة، فشتَم أبو السليل مَرْوانَ، فلما دعا الحارث إلى البَيْعة أتاه سلْم بن أحوز وخالد بن هرَيم وقَطَن بن محمد وعبّاد بن الأبرد بن قرّة وحمّاد بن عامر، وكلموه وقالوا له: لِمَ يصيّر نصرٌ سلطانَه وولايته في أيدي قومك؟ ألم يخرجك من أرض الترك ومن حكم خاقان! وإنما أتى بك لئلا يجترئ عليك عدوّك فخالفتَه، وفارقتَ أمر عشيرتك، وأطمَعْت فيهم عدوّهم، فنذكِّرك الله أن تفرّق جماعتنا! فقال الحارث: إنَّي لأرى في يدي الكرمانيّ ولاية، والأمر في يد نصر، فلم يجبْهم بما أرادوا، وخرج إلى حائط لحمزة بن أبي صالح السلميّ بإزاء قصر بخاراخذاه، فعسكر وأرسل إلى نصر، فقال له: اجعل الأمر شورى، فأبى نصر، فخرج الحارث فأتى منازل يعقوب بن داود، وأمر جَهْم بن صَفْوان، مولى بني راسب، فقرأ كتابًا سيَّر فيه الحارث على الناس، فانصرفوا يكبِّرون، وأرسل الحارث إلى نصر: اعزل سلْم بن أحوز عن شُرَطك، واستعمل بشر بن بسْطام البِرْجميِّ، فوقع بينه وبين مغلس بن زياد كلام، فتفرقت قيس وتميم، فعزله، واستعمل إبراهيم بن عبد الرحمن، واختاروا رجالًا يسمون لهم قومًا يعملون بكتاب الله، فاختار نصر مقاتلَ بن سليمان ومقاتل بن حَيان، واختار الحارث المغيرةَ بن شعبة الجَهْضميّ ومعاذ بن جَبلة، وأمر نصرٌ كاتبه أن يكتب ما يرضوْن من السُّنَن، وما يختارونه من العمال، فيولِّيَهم الثَّغرين؛ ثغر سَمَرْقند وطخارستان، ويكتب إلى مَن عليهما ما يرضونه من السير والسنَن.
فاستأذن سلْم بن أحوز نصرًا في الفتك بالحارث، فأبى وولّى إبراهيم الصائغ، وكان يوجّه ابنه إسحاق بالفيروزج إلى مَرو، وكان الحارث يظهر أنه صاحب الرّايات السود؛ فأرسل إليه نصر: إن كنتَ كما تزعم، وأنكم تهدمِون سور دمشق، وتزِيلون أمر بني أميَّة، فخذْ مني خمسمئة رأس ومئتي بعير، واحمل من الأموال ما شئتَ وآلة الحرب وسرْ؛ فلعمري لئن كنتَ صاحب ما ذكرت إني لفي يدك؛ وإن كنت لستَ ذلك فقد أهلكتَ عشيرتك، فقال