أيدي ثلثمئة منهم وأرجلهم وصلب ثلاثةً، وباع أثقالهم فيمن يزيد، فنقِموا على الحارث عَوْنه الكرمانيّ، وقتاله نصرًا، فقال نصرٌ لأصحابه حين تغير الأمر بينه وبين الحارث: إن مُضَرَ، لا تجتمع لي ما كان الحارث مع الكرمانيّ؛ لا يتفقان على أمر، فالرأي تركهما؛ فإنهما يختلفان، وخرج إلى جُلْفرَ فيجد عبد الجبار الأحول العدويّ وعمر بن أبي الهيثم الصغديّ، فقال لهما: أيسعكما المقام مع الكرمانيّ؟ فقال عبد الجبار: وأنت فلا عدمت آسيًا؛ ما أحلك هذا المحلّ!
فلما رجع نصر إلى مَرْو أمر به فضرب أربعمئة سوط، ومضى نصر إلى خَرَق، فأقام أربعة أيام بها، ومعه مسلم بن عبد الرحمن بن مسلم وسلم بن أحْوَز وسنان الأعرابيّ، فقال نصر لنسائه: إنّ الحارث سيخلفني فيكنّ ويحميكنّ، فلما قرب من نيسابور أرسلوا إليه: ما أقدمك، وقد أظهرت من العصبية أمرًا قد كان الله أطفأه؟ وكان عامل نصر على نَيْسابور ضرار بن عيسى العامريّ، فأرسل إليه نصر بن سيار سنانًا الأعرابيّ ومسلم بن عبد الرحمن وسلم بن أحْوَز، فكلموهم فخرجوا، فتلقوْا نصرًا بالمواكب والجواري والهدايا، فقال سلم: جعلني الله فداك! هذا الحىّ من قيس؛ فإنما كانت عاتبة، فقال نصر:
وأقام عند نصر حين خرج من مَرْو يونس بن عبد ربّه ومحمد بن قَطَن وخالد بن عبد الرحمن في نظرائهم.
قال: وتقدّم عبّاد بن عمر الأزديّ وعبد الحكيم بن سعيد العَوْذيّ وأبو جعفر عيسى بن جرز على نَصْر من مكة بأبر شهر، فقال نصر لعبد الحكيم: أما ترى ما صنع سفهاء قومك؟ فقال عبد الحكيم: بل سفهاء قومك؛ طالت ولايتها في ولايتك، وصيّرت الولاية لقومك دون ربيعة واليمن فبطروا، وفي ربيعة واليمن حلماء وسُفهاء فغلب السفهاء الحكماء، فقال عبّاد: أتستقبل الأمير بهذا الكلام! قال: دَعْه فقد صدق، فقال أبو جعفر عيسى بن جرز - وهو من أهل قرية على نهر مَرْو: أيها الأمير، حسبك من هذه الأمور والولاية، قإنه قد أطلّ أمرٌ عظيم، سيقوم رجل مجهول النسب يُظهر السواد، ويدعو إلى دوْلة تكون، فيغلب على الأمر وأنتم تنظرون وتضطربون، فقال نصر: ما أشبه أن يكون لقلة الوفاء، واستجراح الناس، وسوء ذات البين، وجّهتُ إلى الحارث وهو بأرض الترك،