اجتماعَنا كان إلى الحارث ابتغَاء الوسيلة إلى الله، ونصيحةً في عباده، فعرّضنا أنفسنا للحرب ودماءنا للسفك وأموالنا للتلف، فصغُر ذلك كله عندنا في جنْب ما نرجو من ثواب الله؛ ونحن وأنتم إخوان في الدين وأنصار على العدوّ، فاتقوا الله وراجعوا الحقّ، فإنا لا نريد سفك الدماء بغير حلها.
فأقاموا أيامًا، فأتى الحارث بن سُريج الحائط فثلَم فيه ثلمة ناحية نوبان عند دار هشام بن أبي الهيثم، فتفرّق عن الحارث أهلُ البصائر، وقالوا: غدرت، فأقام القاسم الشيبانيّ وربيع التيميّ في جماعة، ودخل الكرمانيّ من باب سرخس، فحاذى الحارث، ومرّ المنخّل بن عمرو الأزديّ فقتله السَّميدع؛ أحد بني العَدوِيّة، ونادى: يا لثارات لَقِيط! واقتتلوا وجعل الكرمانيّ على ميمنته داود بن شعيب وإخوته: خالدًا ومزيَدًا والمهلب، وعلى ميسرته سورة بن محمد بن عزيز الكِنديّ، في كندة وربيعة، فاشتدّ الأمر بينهم، فانهزم أصحابُ الحارث، وقُتلوا ما بين الثلمة وعسكر الحارث، والحارث على بَغْل فنزل عنه، وركب فرسًا فضربه، فجرى وانهزم أصحابُه، فبقي في أصحابه، فقتِل عند شجرة، وقُتل أخوه سوادة وبشر بن جُرْموز وقَطن بن المغيرة بن عجرد، وكَفّ الكرمانيّ وقُتل مع الحارث مئة، وقُتل من أصحاب الكِرمانيّ مئة، وصُلب الحارث عند مدينة مَرْو بغير رأس.
وكان قُتل بعد خروج نصر من مَرو بثلاثين يومًا، قُتل يومَ الأحد لستّ بقين من رَجب، وكان يقال: إن الحارث يُقتل تحت زيتونة أو شجرة غُبَيْراءَ.
فقتل كذلك سنة ثمان وعشرين ومئة، وأصاب الكِرمانيّ صفائح ذهب للحارث فأخذها وحبس أمّ ولده ثم خلّى عنها، وكانمت عند حاجب بن عمرو بن سلمة بن سكن بن جون بن دبيب، قال: وأخذ أموال مَنْ خرج مع نصر، واصطفى متاع عاصم بن عمير، فقال إبراهيم: بِمَ تستحل ماله؟ فقال صالح من آل الوضاح: اسقِني دمه، فحال بينه وبينه مقاتل بن سليمان، فأتى به منزله. [٧/ ٣٣٠ - ٣٤١].
وقالت أم كثير الضبيّة:
لا بارَكَ اللهُ في أُنثى وعذَّبَها ... تزَوَّجتْ مضَريًّا آخِرَ الدهرِ