قولهم؛ والذي قال في ذلك: إنّ إبراهيم الإمام زوّج أبا مسلم لما توجّه إلى خراسان ابنةَ أبي النجم، وساق عنه صداقها، وكتب بذلك إلى النقباء، وأمرهم بالسمع والطاعة لأبي مسلم، وكان أبو مسلم - فيما زعم - من أهل خُطَرْنِيَة، من سواد الكوفة، وكان قَهرمانًا لإدريس بن معقل العِجْلى، فآل أمره ومنتهى ولائه لمحمد بن عليّ، ثم لإبراهيم بن محمد، ثم للأئمة من أولاد محمد بن عليّ فقدم خُراسان وهو حديث السنّ، فلم يقبله سليمان بن كثير وتخوّف ألّا يقوى على أمرهم، وخاف على نفسه وأصحابه، فردّوه - وأبو داود خالد بن إبراهيم غائب خَلْف نهر بَلْخ - فلما انصرف أبو داود، وقدم مَرْو أقرأه كتاب الإمام إبراهيم، فسأل عن الرجل الذي وجَّهه، فأخبروه أن سليمان بن كثير ردّه، فأرسل إلى جميع النقباء، فاجتمعوا في منزل عمران بن إسماعيل، فقال لهم أبو داود: أتاكم كتاب الإمام فيمن وجَّهه إليكم وأنا غائب فرددتموه، فما حجَّتكم في ردّه؟ فقال سليمان بن كثير: لحداثة سنه، وتخوّفًا ألّا يقدر على القيام بهذا الأمر؛ فأشفقنا على مَنْ دعونا إليه وعلى أنفسنا وعلى المجيبين لنا، فقال: هل فيكم أحد ينكر أن الله تبارك وتعالى اختار محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم وانتخبه واصطفاه، وبعثه برسالته إلى جميع خلقه؟ فهل فيكم أحدٌ ينكر ذلك؟ قالوا: لا؛ قال: أفتشكون أنّ الله تعالى نزّل عليه كتابه فأتاه به جبريل الرّوح الأمين، أحلّ فيه حلاله، وحرّم فيه حرامه، وشرّع فيه شرائعه، وسنّ فيه سننه، وأنباه فيه بما كان قبله، وما هو كائن بعده إلى يوم القيامة؟ قالوا: لا، قال: أفتشكون أن الله عزَّ وجل قبضه إليه بعدما أدّى ما عليه من رسالة ربه؟ قالوا: لا، قال: أفتظنّون أن ذلك العلم الذي أنزل عليه رُفع معه أو خلّفه؟ قالوا: بل خلّفه، قال: أفتظنونه خلّفه عند غير عِتْرته، وأهل بيته، الأقرب فالأقرب؟ قالوا: لا، قال: فهل أحدٌ منكم إذا رأى من هذا الأمر إقبالًا، ورأى الناس له مجيبينَ بدا له أن يصرف ذلك إلى نفسه؟ قالوا: اللهم لا، وكيف يكون ذلك! قال: لستُ أقول لكم فعلتم، ولكن الشيطان ربما نَزع النزعة فيما يكون وفيما لا يكون.
قال: فهل فيكم أحدٌ بدا له أن يصرف هذا الأمر عن أهل البيت إلى غيرهم من عِتْرة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: لا، قال: أفتشكُّون أنهم معدن العلم وأصحاب ميراث