للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالوا: لا، قال: فأراكم شككتم في أمرهم ورددتم عليهم علمهم؛ ولو لم يعلموا أن هذا الرجل هو الذي ينبغي له أن يقوم بأمرهم، لما بعثوه إليكم، وهو لا يتهم في موالاتهم ونصرتهم والقيام بحقهم (١).

فبعثوا إلى أبي مسلم فردوه من قومس بقول أبي داود؛ وولَّوْه أمرهم وسمعوا له وأطاعوا، ولم تزل في نفس أبي مسلم على سليمان بن كثير، ولم يزل يعرفها لأبي داود، وسمعت الشيعة من النقباء وغيرهم لأبي مسلم، وأطاعوه وتنازعوا، وقبِلوا ما جاء به، وبثّ الدعاة في أقطار خُراسان؛ فدخل الناس أفواجًا، وكثروا، وفشت الدّعاة بخراسان كلها، وكتب إليه إبراهيم الإمام يأمره أن يوافيَه بالموسم في هذه السنة - وهي سنة تسع وعشرين ومئة -، ليأمره بأمره في إظهار دعوته، وأن يقدم معه بقَحْطبة بن شبيب، ويحمل إليه ما اجتمع عنده من الأموال؛ وقد كان اجتمع عنده ثلثمئة ألف وستون ألف درهم، فاشترى بعامَّتها عَروضًا من متاع التجار؛ من القوهيّ والمرْويّ والحرير والفِرْند، وصيّر بقيته سبائك ذهب وفضة وصيّرها في الأقبية المحشوّة، واشترى البغال وخرج في النصف من جمادى الآخرة، ومعه من النقباء قحطبة بن شبيب والقاسم بن مُجاشع وطلحة بن رزيق؛ ومن الشيعة واحد وأربعون رجلًا، وتحمَّل من قُرى خزاعة، وحمل أثقاله على واحد وعشرين بَغْلًا، وحمل على كلّ بغل رجلًا من الشيعة بسلاحه، وأخذ المفازة وعدا عن مسلحة نصر بن سيار حتى انتهوا إلى أبيوَرْد.

فكتب أبو مسلم إلى عثمان بن نَهيك وأصحابه يأمرهم بالقدوم عليه، وبينه وبينهم خمسة فراسخ، فقدم عليه منهم خمسون رجلًا، ثم ارتحلوا من أبيورَدٌ؛ حتى انتهوْا إلى قرية يقال لها قافس؛ من قرى نَسا، فبدث الفضل بن سليمان إلى أندومان - قرية أسِيد - فلقي بها رجلًا من الشيعة، فسأله عن أسيد، فقال له الرّجل: وما سؤالك عنه! فقد كان اليوم شرّ طويل من العامل أخِذ، فأخِذَ معه


(١) هذا خبر باطل لا سند له، وفي متنه نكارة. وعلم الشرع لم يكن حكرًا على العترة وآل البيت رضي الله عنهم. بل حفظه علماء الصحابة بلا استثناء، وأدّوه إلى من بعدهم بكل أمانة, وسامح الله الطبري كيف التقط هذه الأخبار المليئة بالنكارات ولم يعلق عليها ولو بكلمة، واكتفى بتبرئة ذمته في مقدمة تأريخه.

<<  <  ج: ص:  >  >>