الفريقين جميعًا معه؛ وجعل يكتب إلى نصر بن سيّار وإلى الكرمانيّ: إنّ الإمام قد أوصاني بكم، ولستُ أعدو رأيه فيكم، وكتب إلى الكُور بإظهار الأمر؛ فكان أول من سَوّد - فيما ذكر - أسيد بن عبد الله بنسا، ونادى: يا محمد، يا منصور، وسوّد معه مقاتل بن حكيم وابن غزوان، وسوّد أهل أبيَورد وأهل مَرْو الرّوذ، وقرى مَرْو.
وأقبل أبو مسلم حتى نزل بين خندق نصر بن سيار وخندق جُديع الكرمانيّ، وهابه الفريقان، وكثر أصحابه، فكتب نصر بن سيار إلى مَرْوان بن محمد يعلمه حال أبي مسلم وخروجه وكثرة مَن معه ومَن تبعه، وأنه يدعو إلى إبراهيم بن محمد، وكتب بأبيات شعر:
فقُلت من التَّعَجُّبِ لَيْتَ شِعْري ... أأَيقاظٌ أمَيَّةُ أَمْ نِيامُ!
فكتب إليه: الشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فاحسم الثؤلول قِبَلك، فقال نصر: أما صاحبكم فقد أعلمكم ألّا نصر عنده، فكتب إلى يزيد بن عمر بن هُبيرة يشهّده، وكتب إليه بأبيات شعر:
أبلغ يزيدَ وخيْرُ القول أصدقه ... وقد تبيَّنْتُ ألَّا خَيْرَ في الكذب
أَنَّ خُراسانَ أَرْضٌ قد رأَيْتُ بها ... بيْضًا لو أفْرَخَ قد حُدثْتَ بالعَجَب
فِراخُ عامَيْنِ إلا أنَّها كبِرَتْ ... لمّا يَطِرْنَ وقد سُرْبِلْنَ بالزَّغَبِ
فقال يزيد: لا غلبة إلا بكثرة؛ وليس عندي رجل. وكتب نصر إلى مَرْوان يخبره خبر أبي مسلم وظهورَه وقوّته؛ وأنه يدعو إلى إبراهيم بن محمد، فألفى الكتاب مَرْوان وقد أتاه رسول لأبي مسلم إلى إبراهيم؛ كان قد عاد من عند إبراهيم، ومعه كتاب إبراهيم إلى أبي مسلم جواب كتابه، يلعن فيه أبا مسلم ويسبّه؛ حيث لم ينتهز الفرصة من نصر والكرمانيّ؛ إذ أمكناه، ويأمره ألّا يدع بخُراسان عربيًّا إلا قتله. فدفع الرسول الكتاب إلى مَرْوان، فكتب مروان إلى الوليد بن معاوية بن عبد الملك وهو على دمشق , يأمره أن يكتب إلى عامل البَلْقاء، فيسير إلى كرار الحُميمة، فليأخذ إبراهيم بن محمد ويشدّه وثاقًا،