قال حميد الطويل: أطلق أولئك الأسراء فلم يقتل منهم غير حصين بن وعلة السدُوسيّ، ولما أمر بقتله قال: أُقتَلُ من بين الأسراء! قال: نعم، أنت مشرِك، أنت الذي تقول:
ولَوْ آمُرُ الشمْسَ لَمْ تُشْرِقِ
ومضى ابنُ معاوية من وجهه إلى سِجستان، ثم أتى خراسان ومنصور بن جمهور إلى السند، فسار في طلبه معن بن زائدة وعطيَّة الثعلبيّ وغيره من بني ثعلبة، فلم يدركوه، فرجعوا، وكان حصين بن وَعْلة السدوسي مع يزيد بن معاوية، فتركه [ولحق بعبد الله بن معاوية] فأسره مورع السلميّ، رآه دخل غيضة فأخذه فأتى به [معن بن زائدة] فبعث به معن إلى ابن ضُبارة، فبعث به ابن ضبارة إلى واسط؛ وسار ابن ضبارة إلى عبد الله بن معاوية بإصطخر، فنزل بإزائه على نهر إصطخر، فعبر ابن الصَّحْصحَ في ألف، فلقيه من أصحاب عبد الله بن معاوية أبان بن معاوية بن هشام فيمن كان معه من أهل الشام، ممن كان مع سليمان بن هشام فاقتتلوا، فمال ابنُ نباتة إلى القنطرة، فلقيَهم من كان مع ابن معاوية من الخوارج، فانهزم أبان والخوارج، فأسر منهم ألفًا، فأتوْا بهم ابن ضُبارة، فخلى عنهم، وأخذ يومئذ عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن عباس في الأسراء، فنسبه ابن ضبارة، فقال: ما جاء بك إلى ابن معاوية، وقد عرفت خلافه أمير المؤمنين! قال: كان على دين فأدّيته، فقام إليه حرب بن قطن الكنانيّ، فقال: ابن أختنا، فوهبه له، وقال: ما كنت لأقدم على رجل من قريش، وقال له ابن ضبارة: إن الذي قد كنت معه قد عِيبَ بأشياء، فعندك منها علم؟ قال: نعم، وعابه ورمى أصحابه بالِّلواط، فأتوا ابن ضبارة بغلمان عليهم أقبية قُوهيَّة مصبَّغة ألوانًا، فأقامهم للناس وهم أكثر من مئة غلام، لينظروا إليهم، وحمل ابن ضبارة عبدَ الله بن عليّ على البريد إلى ابن هبيرة ليخبره أخباره، فحمله ابن هبيرة إلى مَروان في أجناد أهل الشام، وكان يعيبه، وابن ضُبارة يومئذ في مفازة كِرمان في طلب عبد الله بن معاوية، وقد أتى ابن هبيرة مقتل نباتة، فوجّه ابن هبيرة كرَب بن مصقلة والحكم بن أبي الأبيض العبسيّ وابن محمد السكرنّي؛ كلهم خطيب، فتكلموا في تقريظ ابن ضُبارة،