وكتب إلى عبد الله بن معاوية بالبيعة، فقال: عبد الرحمن بن يزيد بن المهلب: لا يفي لك، وإنما أراد أن يدفعك عنه؛ ويأكل سابور؛ فاكتب إليه فليقدم عليك إن كان صادقًا، فكتب إليه فقدم، وقال لأصحابه: ادخلوا معي؛ فإن منَعكم أحد فقاتلوه، فدخلوا فقال لابن معاوية: أنا أطوع الناس لك، قال: ارجع إلى عملك، فرجع.
ثم إن محارب بن موسى نافر ابنَ معاوية، وجمع جمعًا، فأتى سابور - وكان ابنه مخلد بن محارب محبوسًا بسابور, أخذه يزيد بن معاوية فحبسه - فقال لمحارب: ابنك في يديه وتحاربه! أما تخاف أن يقتل ابنك! قال: أبعده الله! فقاتله يزيد، فانهزم محارب، فأتى كرمان، فأقام بها حتى قدم محمد بن الأشعث، فصار معه، ثم نافرَ ابن الأشعث فقتله وأربعة وعشرين ابنًا له. ولم يزل عبد الله بن معاوية بإصطخر حتى أتاه ابن ضُبارة مع داود بن يزيد بن عمر بن هبيرة، فأمر ابن معاوية فكسروا قنطرة الكوفة، فوجَّه ابن هبيرة معنَ بن زائدة من وَجْه آخر، فقال سليمان لأبان بن معاوية بن هشام: قد أتاك القوم، قال: لم أؤمَرْ بقتالهم؛ قال: ولا تؤمر والله بهم أبدًا، وأتاهم فقاتلهم عند مَرْو الشاذان، ومعن يرتجز:
لَيْسَ أَميرُ القَوْمِ بالْخَبِّ الخدَعْ ... فَرَّ من الموْتِ وفي الموْتِ وقَعْ
قال ابن المقفع أو غيره:
فرّ من الموت وفيه قد وقع.
قال: عمدًا، قلت: قد عملت، فانهزم ابن معاوية، وكفّ معن عنهم، فقتل في المعركة رجل من آل أبي لهب، وكان يقال: يقتل رجل من بني هاشم بمَرْو الشاذان، وأسروا أسَراء كثيرة، فقتل ابن ضبارة عدّة كثيرة؛ فيقال: كان فيمن قُتِل يومئذ حكيم الفرد أبو المجد، ويقال: قتِل بالأهواز قتله نباتة.
ولما انهزم ابنُ معاوية هرب شيبان إلى جَزيرة ابن كاوان ومنصور بن جمهور إلى السند، وعبد الرحمن بن يزيد إلى عُمان، وعمرو بن سهل بن عبد العزيز إلى مصر؛ وبعث ببقيّة الأسرَاء إلى ابن هبيرة.