معاوية لما هُزم بالكوفة، شخص إلى المدائن، فبايعه أهلُ المدائن، فأتاه قومٌ من أهل الكُوفة، فخرج إلى الجبال فغلب عليها، وعلى حُلوان وقُومِس وأصبهان والريّ، وخرج إليه عبيد أهل الكوفة، فلمّا غلب على ذلك أقام بأصبهان؛ وقد كان محارب بن موسى مولى بني يَشْكر عظيم القدر بفارس، فجاء يمشي في نعلين إلى دار الإمارة بإصطخر، فطرد العامل؛ عامل ابن عمر عنها، وقال لرجل يقال له عمارة: بايع الناس، فقال له أهل إصطخر: علامَ نبايع؟ قال: على ما أحببتم وكرهتم، فبايعوه لابن معاوية، وخرج محارب إلى كرمان فأغار عليهم، وأصاب في غارته إبلًا لثعلبة بن حسان المازنيّ فاستاقها، ورجع.
فخرج ثعلبة يطلب إبِله في قرية له تدعى أشهر - قال: ومع ثعلبة مولىً له - فقال له مولاه: هل لك أن نفتك بمحارب؛ فإن شئت ضربتَه وكفيتني الناس؛ وإن شئت ضربتُه وكفيتُك الناس؟ قال: ويحك! أردتَ أن تفتك [وتذهب الإبل ولم نلق] الرجل! ثم دخل على محارب فرحّب به، ثم قال: حاجتك! قال: إبلي، [قال: نعم لقد أخذت]، وما أعرفها، وقد عرفتها، فدونك إبلك! فأخذها، وقال لمولاه:[هذا خير، وما أردت؟ ].
قال: ذلك لو أخذناها كان أشفى، وانضمّ إلى محارب القواد والأمراء من أهل الشام: فسار إلى مسلم بن المسيّب وهو بشيراز عامل لابن عمر، فقتله في سنة ثمان وعشرين ومئة، ثم خرج محارب إلى أصبهان، فحوّل عبد الله بن معاوية إلى إصطخر؛ واستعمل أخاه عبد الله أخاه الحسن على الجبال، فأقبل فنزل في دير على ميل من إصطخر، واستعمل أخاه يزيد على فارس فأقام، فأتاه الناس، بنو هاشم وغيرهم؛ وجبَى المال، وبعث العمال؛ وكان معه منصور بن جُمهور وسليمان بن هشام بن عبد الملك وشيبان بن الحِلْس بن عبد العزيز الشيبانيّ الخارجيّ، وأتاه أبو جعفر عبد الله، وعبد الله وعيسى ابنا عليّ، وقدم يزيد بن عمر بن هبيرة على العراق، فأرسل نباتة بن حنظلة الكلابيّ إلى عبد الله بن معاوية؛ وبلغ سليمان بن حبيب أنّ ابن هُبيرة ولَّى نباتة الأهواز، فسرّح داود بن حاتم، فأقام بكربُج دينار ليمنع نباتة من الأهواز، فقدم نُباتة، فقاتله، فقتل داود، وهرب سليمان إلى سابور؛ وفيها الأكراد قد غلبوا عليها، وأخرجوا المسيح بن الحماريّ، فقاتلهم سليمان، فطرد الأكراد عن سابور،