الناس بمثل ما خاطبتك به حديث، فسبقني لساني إلى ما لم أرده، وألحّ أبو العباس على أبي جعفر يأمره بقتله وهو يراجعه، حتى كتب إليه: والله لتقتلنّه أو لأرسلنّ إليه من يخرجه من حُجرتك، ثم يتولى قتله، فأزمع على قتله، فبعث خازم بن خزعة والهيثم بن شعبة بن ظهير؛ وأمرهما بختم بيوت الأموال، ثم بعث إلى وجوه مَن معه من القيسيَّة والمضريّة، فأقبل محمد بن نباتة وحوثرة بن سُهيل وطارق بن قدامة وزياد بن سويد وأبو بكر بن كعب العُقيليّ وأبان وبشر ابنا عبد الملك بن بشر؛ في اثنين وعشرين رجلًا من قيس، وجعفر بن حنظلة وهزّان بن سعد.
قال: فخرج سلّام بن سليم، فقال: أين حوثرة ومحمد بن نباتة؛ فقاما، فدخلا، وقد أجلس عثمان بن نهيك والفضل بن سليمان وموسى بن عقيل في مئة في حُجْرة دون حجرته، فنُزعت سيوفهمَا وكتِّفا، ثم دخل بشر وأبان ابنا عبد الملك بن بشر، ففُعل بهما ذلك؛ ثمّ دخل أبو بكر بن كعب وطارق بن قدامة، فقام جعفر بن حنظلة، فقال: نحن رؤساء الأجناد، وَلِمَ يكون هؤلاء يقدّمون علينا؟ فقال: ممن أنت؟ قال: من بَهْراء، فقال: وراءك الدّار أوسع لك، ثم قام هزّان، فتكلم فأخِّر، فقال روح بن حاتم: يا أبا يعقوب نزعت سيوف القوم، فخرج عليهم موسى بن عقيل، فقالوا له: أعطيتمونا عهد الله ثم خِسْتم به! إنا لنرجو أن يدرككم الله، وجعل ابن نباتة يفرَط في لحية نفسه، فقال له حوثرة: إنّ هذا لا يغني عنك شيئًا؛ فقال: كأني كنت أنظر إلى هذا، فقتِلوا. وأخذت خواتيمهم.
وانطلق خازم والهيثم بن شعبة والأغلب بن سالم في نحو من مئة، فأرسلوا إلى ابن هبيرة: إنا نريد حمل المال، فقال ابن هبيرة لحاجبه: يا أبا عثمان انطلق فدلهم عليه، فأقاموا عند بيت نفرًا، ثم جعلوا ينظرون في نواحي الدار، ومع ابن هبيرة ابنه داود وكاتبه عمرو بن أيّوب وحاجبه وعدّة من مواليه، وبنيٌّ له صغير في حِجْره، فجعل ينكر نظرهم فقال: أقسم بالله إنّ في وجوه القوم لشرًّا، فأقبلوا نحوه، فقام حاجبه في وجوههم، فقال: ما وراءكم؟ فضربه الهيثم بن شعبة على حبل عاتقِه فصرعه، وقاتل ابنه داود فقتِل وقتل مواليه، ونحَّى الصبّي من حِجره، وقال: دونكم هذا الصبيّ، وخرّ ساجدًا فقتل وهو ساجد، ومضوا