كيف نقيم معك وهذا يأتي بلادنا وفيها حرمُنا فيقتل من قدر عليه من رجالنا، ويسبِي ذراريّنا!
ولكنا نخرج إلى بلادنا فنمنعه حَرَمنا وذراريَّنا ونقاتله إن قاتلنا، فقال لهم عبد الله بن عليّ: إنه والله ما يريد الشأم، وما وُجِّه إلا لقتالكم، ولئن أقمتم ليأتينكم، قال: فلم تطب أنفسُهم، وأبوْا إلا المسير إلى الشأم.
قال: وأقبل أبو مسلم فعسكر قريبًا منهم، وارتحل عبد الله بن عليّ من عسكره متوجّهًا نحو الشأم، وتحوّل أبو مسلم حتى نزل في معسكر عبد الله بن عليّ في موضعه، وغوّر (١) ما كان حوله من المياه، وألقى فيها الجيَف.
وبلغ عبد الله بن عليّ نزول أبي مسلم معسكره، فقال لأصحابه من أهل الشأم: ألم أقل لكم! وأقبل فوجد أبا مسلم قد سبقه إلى معسكره، فنزل في موضع عسكر أبي مسلم الذي كان فيه، فاقتتلوا أشهرًا خمسة أو ستة، وأهل الشأم أكثر فرسانًا وأكمل عُدّة، وعلى ميمنة عبد الله بكار بن مسلم العقيليّ، وعلى ميسرته حبيب بن سويد الأسديّ، وعلى الخيل عبد الصمد بن عليّ، وعلى ميمنة أبي مسلم الحسن بن قحطبة، وعلى الميسرة أبو نصر خازم بن خزيمة، فقاتلوه أشهرًا. [٧/ ٤٧٥ - ٤٧٧].
ويقال: بل استأمن لعبد الصمد بن عليّ إسماعيل بن عليّ.
وقد قيل: إن عبد الله بن عليّ لما انهزم مضى هو وعبد الصمد أخوه إلى رُصافة هشام، فأقام عبد الصمد بها حتى قدمت عليه خيول المنصور، وعليها جهور بن مرّار العجليّ، فأخذه فبعث به إلى المنصور مع أبي الخصيب مولاه موثَقًا، فلما قدم عليه أمر بصرْفه إلى عيسى بن موسى، فآمنه عيسى وأطلقه وأكرمه، وحباه وكساه.
وأما عبد الله بن عليّ فلم يلبث بالرّصافة إلا ليلة، ثم أدلَج في قواده ومواليه حتى قدم البصرة على سليمان بن عليّ وهو عاملها يومئذ، فآواهم سليمان وأكرمهم وأقاموا عنده زمانًا متوارين. [٧/ ٤٧٩].