قال عليّ: قال مسلم بن المغيرة: استخلف أبو جعفر على أرمينيَة في تلك السنة الحسن بن قحطبة. وقال غيره: استعمل رضيعه يحيى بن مسلم بن عُروة - وكان أسود مولىً لهم - فخرجا إلى مكة فكان أبو مسلم يصلح العِقَاب ويكسو الأعراب في كلّ منزل، ويصلُ من سأله، وكسا الأعراب البُتوت والملاحف، وحفر الآبار، وسهل الطرق، فكان الصوت له، وكان الأعراب يقولون: هذا المكذوب عليه؛ حتى قدم مكة فنظر إلى اليمانية فقال لنيزك: وضرب جنبه -: يا نيزكُ، أيّ جند هؤلاء لو لقيهم رجل ظريف اللسان سريع الدمعة! [٧/ ٤٧٩ - ٤٨٠].
قال عليّ: قال مسلم بن المغيرة: كنت مع الحسن بن قحطبة بأرمينيَة فلما وجّه أبو مسلم إلى الشأم كتب أبو جعفر إلى الحسن أن يوافيَه ويسير معه، فقدمنا على أبي مسلم وهو بالموصل فأقام أيامًا، فلما أراد أن يسير، قلت للحسن: أنتم تسيرون إلى القتال وليس بك إليّ حاجة، فلو أذنتَ لي فأتيت العراق، فأقمت حتى تقدموا إن شاء الله! قال: نعم؛ لكن أعلِمْني إذا أردتَ الخروج، قلت: نعم، فلما فرغت وتهيأت أعلمتُه، وقلتُ: أتيتُك أودّعك، قال: قف لي بالباب حتى أخرُج إليك، فخرجتُ فوقفتُ وخرج، فقال: إنَي أريد أن ألقي إليك شيئًا لتبلِغَه أبا أيوب، ولولا ثقتي بك لم أخبرْك، ولولا مكانك من آلجي أيوب لم أخبرْك، فأبلغْ أبا أيوب أني قد ارتبتُ بأبي مسلم منذ قدمتُ عليه، إنه يأتيه الكتاب من أمير المؤمنين فيقرؤوه، ثم يلوى شِدقه، ويرمي بالكتاب إلى أبي نصر، فيقرؤه ويضحكان استهزاء؛ قلتُ: نعم قد فهصت، فلقيتُ أبا أيوب وأنا أرى أن قد أتيته بشيء، فضحك، قال: نحن لأبي مسلم أشدّ تُهمةً منّا لعبد الله بن عليّ إلّا أنا نرجو واحدةً، نعلم أنّ أهل خُراسان لا يحبون عبد الله بن عليّ، وقد قتَل منهم من قَتل، وكان عبد الله بن عليّ حين خَلَع خاف أهلَ خُراسان، فقتل منهم سبعة عشر ألفًا؛ أمر صاحب شرطته حيّاش بن حبيب فقتلهم.
قال عليّ: فذكر أبو حفص الأزديّ أن أبا مسلم قاتل عبد الله بن عليّ فهزمه، وجَمَع ما كان في عسكره من الأموال فصيّره في حظيرة، وأصاب عينًا ومتاعًا وجوهرًا كثيرًا؛ فكان منثورًا في تلك الحظيرة، ووكّل بها وبحفظها قائدًا من