للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذه السنة وجه أبو جعفر المنصور ولده محمدًا - وهو يومئذ ولي عهد - إلى خراسان في الجنود، وأمره بنزول الرّيّ، ففعل ذلك محمد.

وفيها خلَع عبد الجبار بن عبد الرحمن عامل أبي جعفر على خُراسان؛ ذكر عليّ بن محمد، عمن حدّثه، عن أبي أيوب الخوزيّ، أن المنصور لما بلغه أن عبد الجبار يقتل رؤساء أهل خُراسان، وأتاه من بعضهم كتاب فيه: قد نغِل الأديمُ، قال لأبي أيوب الخزاعيّ: إن عبد الجبار قد أفنى شيعتنَا، وما فعل هذا إلّا وهو يريد أن يخلع، فقال له: ما أيسر حيلته! اكتب إليه: إنك تريد غَزْو الروم؛ فيوجّه إليك الجنود من خُراسان، وعليهم فرسانهم ووجوههم، فإذا خرجوا منها فابعثْ إليهم مَنْ شئت؛ فليس به امتناع.

فكتب بذلك إليه، فأجابه: إنّ الترك قد جاشت؛ وإن فرّقتُ الجنود ذهبت خراسان، فألقى الكتاب إلى أبي أيّوب، وقال له: ما ترى؟ قال: قد أمكنك من قياده، اكتب إليه: إن خراسان أهمّ إليّ من غيرها، وأنا موجّه إليك الجنود من قبَلي، ثم وجّه إليه الجنود ليكونوا بخراسان؛ فإنْ هَمّ بخلع أخذُوا بعنقه.

فلما ورد على عبد الجبار الكتاب كتب إليه: إنّ خُراسان لم تكن قطّ أسوأ حالًا منها في هذا العام؛ وإن دخلها الجنود هلكوا لضيق ما هم فيه من غلاء السعر، فلما أتاه الكتاب ألقاه إلى أبي أيوب، فقال له: قد أبدى صفحتَه، وقد خلَع فلا تناظره.

فوجّه إليه محمد بن المنصور، وأمره بنزول الرّيّ؛ فسار إليها المهديّ، ووجّه لحربه خازم بن خزيمة مقدمةً له، ثم شخص المهدي فنزل نيسابور.

ولما توجّه خازم بن خزيمة إلى عبد الجبار، وبلغ ذلك أهل مَرْو الرّوذ؛ ساروا إلى عبد الجبار من ناحيتهم فناصبوه الحرب، وقاتلوه قتالًا شديدًا حتى هُزِم، فانطلق هاربًا حتى لجأ إلى مقطنة، فتوارى فيها، فعبَر إليه المجشر بن مزاحم من أهَل مَرْو الرّوذ؛ فأخذه أسيرًا؛ فلما قدم خازم أتاه به، فألبسه خازم مدرّعة صوف، وحمله على بعير، وجعل وجهه من قِبَل عجز البعير؛ حتى انتهى به إلى المنصور ومعه ولده وأصحابه؛ فبسط عليهم العذاب، وضُربوا بالسياط

<<  <  ج: ص:  >  >>