للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعلَّك بالجَرْباءِ أو بحكاكةٍ ... تُفاخِرُ أُمّ الفَضل وابنَة مِشْرح

وما منهما إلا حَصانٌ نجيبةٌ ... لها حَسَبٌ في قومها مُترجّحُ

قال عمر: وحدثني محمد بن عبّاد، قال: قال لي السنديّ مولى أمير المؤمنين: لما أخبر عقبة بن سلم أبا جعفر، أنشأ الحجّ وقال لعقبة: إذا صرت بمكان كذا وكذا لقيَني بنو حسن، فيهم عبد الله، فأنا مبجّله، ورافعٌ مجلسه وداع بالغداء؛ فإذا فرغنا من طحامنا فلحظتُك فامثل بين يديه قائمًا، فإنه سيصرف بصره عنك، فدر حتى تغمز ظهرَه بإبهام رجلك حتى يملأ عينه منك ثم حسبُك؛ وإياك أن يراك ما دام يأكل، فخرج حتى إذا تدفّع في البلاد لقيه بنو حسن، فأجلس عبدَ الله إلى جانبه، ثم دعا بالطعام فأصابوا منه؛ ثم أمر به فرفع، فأقبل على عبد الله، فقال: يا أبا محمد، قد علمتَ ما أعطيَتني من العهود والمواثيق ألّا تبغيَني سوءًا، ولا تكيد لي سلطانًا، قال: فأنا على ذلك يا أمَير المؤمنين؛ قال: فلحظ أبو جعفر عُقْبة، فاستدار حتى قام بين يديه، فأعرض عنه، فرفع رأسه حتى قام من وراء ظهره؛ فغمزه بأصبعه، فرفع رأسه فملأ عينه منه، فوثب حتى جثا بين يدي أبي جعفر، فقال: أقِلْني يا أميرَ المؤمنين أقالك الله! قال: لا أقالني الله إن أقلتُك، ثم أمر بحبسه (١).

قال عمرت وحدثني بكر بن عبد الله بن عاصم سولى قُرَيبةَ بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، قال: حدّثني عليّ بن ربَاح بن شبيب، أخو إبراهيم، عن صالح صاحب المصلّى، قال: إني لواقفٌ على رأس أبي جعفر، وهو يتغدّى بأوْطاس؛ وهو متوجّه إلى مكة، ومعه على مائدته عبدُ الله بن حسن وأبو الكرام الجعفريّ وجماعة من بني العباس، فأقبل على عبد الله، فقال: يا أبا محمد، محمد وإبراهيم أراهما قد استوحشا من ناحيتي؛ وإني لأحب أن يأنسا بي، وأن يأتياني فأصِلَهما وأخلطهما بنفسي - قال وعبد الله مطرِق طويلًا ثم رفع رأسه - فقال: وحقِّك يا أميرَ المؤمنين، فما لي بهما ولا بموضعهما من البلاد علْم؛ ولقد خرجا من يدي؛ فيقول أبو جعفر: لا تفعل يا أبا محمد، اكتب إليهما وإلى من يوصّل كتابك إليهما، قل: فامتنع أبو جعفر ذلك اليوم من عامة غَدائه إقبالًا


(١) الأغاني: ١٨: ٢٠٦، ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>