للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي فروة، قال: كنت أنا والشعبانيّ - قائد كان لأبي جعفر - مع زياد بن عبيد الله نختلف إلى أبي الأزهر أيام بعثه أبو جعفر في طلب بني حسن، فإني لأسير مع أبي الأزهر يومًا إذْ أتاه آتٍ فلصق به، فقال: إنّ عندي نصيحة في محمد وإبراهيم، قال: اذهب عنا، قال: إنها نصيحة لأمير المؤمنين، قال: اذهبْ عنّا، ويلك قد قتل الخلق! قال: فأبى أن ينصرف، فتركه أبو الأزهر حتى خلا الطريق، ثم بعج بسيفه بطنه بَعْجةً ألقاه ناحية.

ثمّ استعمل أبو جعفر على المدينة محمد بن خالد بعد زياد؛ فذكر عمر أن محمد بن يحسى حدّثه، قال: حدّثنا الحارث بن إسحاق، قال: استحمل أبو جعفر على المدينة محمد بن خالد بعد زياد، وأمره بالجِدّ في طلب محمد، وبسط يده في النفقة في طلبه، فأغذّ السير حتى قدم المدينة هلال رجب سنة إحدى وأربعين ومئة، ولم يعلم به أهل المدينة حتى جاء رسوله من الشُّقرة - وهي بين الأعوص والطَّرَف على ليلتين من المدينة - فوجد في بيت المال سبعين ألف دينار وألف ألف درهم؛ فاستغرق ذلك المال؛ ورفع في محاسبته أموالًا كثيرة أنفقها في طلب محمد، فاستبطأه أبو جعفر واتّهمه؛ فكتب إليه أبو جعفر يأمره بكشف المدينة وأعراضها؛ فأما محمد بن خالد أهلَ الديوان أن يتجاعلوا من يخرج؛ فتجاعلوا رباع الغاضريّ المضحك - وكان يداين الناس بألف دينار - فهلكت وتوِيت (١)، وخرجوا إلى الأعراض لكشفها عن محمد، وأمر القسريّ أهل المدينة؛ فلزموا بيوتهم سبعة أيام، وطافت رسله والجند ببيوت الناس يكشفونها، لا يحسون شيئًا، وكتب القسريّ لأعوانه صِكاكًا يتعزّزون بها؛ لئلا يعرض لهم أحد؛ فلمّا استبطأه أبو جعفر ورأى ما استغرق من الأموال عزله.

قال: وحدّثني عيسى بن عبد الله، قال: أخبرني حسين بن يزيد، عن ابن ضبّة، قال: اشتدّ أمر محمد وإبراهيم على أبي جعفر؛ فبعث فدعا أبا السعلاء من قيس بن عيلان، فقال: ويلك! أشر عليّ في أمر هذين الرجلين؛ فقد غمّني أمرهما، قال: أرى لك أن تستعمل رجلًا من ولد الزُّبير أو طلحة؛ فإنهم يطلبونهما بذَحْل؛ فأشهد لا يُلبثونهما أو يخرجوهما إليك.


(١) تويت بمعنى هلكت. القاموس ص ١٦٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>