قرنَيْها، فجعلت أستقي، فلقيَني رياح صَفْحًا، فقال: قاتله الله أعرابيًّا ما أحسن ذراعه!
قال: وحدّثني ابن زبالة، قال: حدّثني عثمان بن عبد الرحمن الجُهنيّ عن عثمان بنِ مالك، قال: أذلق (١) رياح محمدًا بالطلب؛ فقال لي: اغدُ بنا إلى مسجد الفتْح ندع الله فيه، قال: فصلَّيتُ الصُّبح، ثم انصرفت إليه، فغدوْنا وعلى محمد قميص غليظ ورداء قرقبيّ مفتول؛ فخرجنا من موضع كان فيه؛ حتى إذا كان قريبًا التفت، فإذا رياح في جماعة من أصحابه رُكْبان، فقلت له: هذا رياح؛ إنا لله وإنا إليه راجعون! فقال غير مكترث به: امض؛ فمضيت وما تنقلني رجلاي، وتنحَّى هو عن الطريق؛ فجلس وجعل ظهره مما يلِي الطريق، وسدَل هُذب ردائه على وجهه - وكان جسيمًا - فلما حاذاه رياح التفت إلى أصحابه، فقال: امرأة رأتنا فاستحيتْ، قال: ومضيتُ حتى طلعت الشمس، وجاء رياح فصعد وصلى ركعتين، ثم انصرف من ناحية بُطْحان، فأقبل محمد حتى دخل المسجد، فصلى ودعا، ولم يزل محمد بن عبد الله ينتقل من لموضع إلى موضع إلى حين ظهوره.
ولما طال على المنصور أمرُه، ولم يقدر عليه وعبد الله بن حسن محبوس، قال عبد العزيز بن سعيد - فيما ذُكر عن عيسى بن عبد الله، عن عبد الله بن عمران بن أبي فروة - قال لأبي جعفر: يا أميرَ المؤمنين، أتطمع أن يخرج لك لمحمد وإبراهيم وبنو حسن مخلّون! والله للواحد منهم أهيب في صدور الناس من الأسد، قال: فكان ذلك الذي هاجه على حَبْسهم، قال: ثم دعاه فقال: من أشار عليك بهذا الرأي؟ قال: فليح بن سليمان، فلما مات عبد العزيز بن سعيد - وكان عينًا لأبي جعفر وواليًا على الصدقات - وضع فُليح بن سليمان في موضعه وأمر أبو جعفر بأخذ بني حسن.
قال عيسى: حدثني عبد الله بن عمران بن أبي فروة، قال: أمر أبو جعفر رياحًا بأخذ بني حسن، ووجّه في ذلك أبا الأزهر المهريّ - قال: وقد كان حبَس
(١) ابن زبالة (محمد بن الحسن) ليس بثقة كان يسرق الحديث قاله ابن معين [الجرح والتعديل/ ٧/ ٢٢٧].