للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن عمر: أنا رأيتُ عبدَ الله بن حسن وأهلَ بيته يُخْرَجون من دار مَرْوان بعد العصر وهم في الحديد؛ فيحملون في المحامل؛ ليس تحتهم وطاء؛ وأنا يومئذ قد راهقتُ الاحتلام، أحفظ ما أرى.

قال محمد بن عمر: قال عبد الرحمن بن أبي الموالي: وأخذ معهم نحو من اْربعمئة من جُهَينة ومُزينة وغيرهم من القبائل؛ فأراهم بالرَّبَذة مكتّفين في الشمس، قال: وسُجنت مع عبد الله بن حسن وأهل بيته، ووافى أبو جعفر الزبذة منصرفًا من الحجّ، فسأل عبد الله بن حسن أبا جعفر أن يأذن له في الدّخول عليه، فأبى أبو جعفر؛ فلم يره حتى فارق الدنيا، قال: ثم دعاني أبو جعفر من بينهم، فأقعِدت حتى أدخلت - وعنده عيسى بن عليّ - فلما رآني عيسى، قال: نعم؛ هو هو يا أمير المؤمنين؛ وإنْ أنت شددتَ عليه أخبرك بمكانهم، فسلّمت فقال أبو جعفر: لا سَلّم الله عليك! أين الفاسقان ابنا الفاسق، الكذابان ابنا الكذاب؟ قال: قلت: هل ينفعني الصدق يا أمير المؤمنين عندك؟ قال: وما ذاك؛ قال: امرأته طالق، وعليّ وعليّ، إن كنت أعرف مكانهما! قال: فلم يقبل ذلك مني، وقال: السياط! وأقمت بين العُقابيْن، فضربني أربعمئة سوط؛ فما عقلت بها حتى رفع عني، ثم حُملت إلى أصحابي على تلك الحال، ثم بعث إلى الدّيبَاج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان؛ وكانت ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله بن حسن، فلما أدخِل عليه قال: أخبرْني عن الكذّابيْن ما فعلا؟ وأين هما؟ قال: والله يا أميرَ المؤمنين ما لي بهما علم، قال: لَتخبرنّي، قال: قد قلت لك وإني والله لصادق؛ ولقد كنت أعلم علمَهما قبل اليوم؛ وأما اليوم فما لي والله بهما علْم. قال: جرّدوه، فجُرّد فضربه مئة سوط، وعليه جامعة حديد في يده إلى عنقه؛ فلمّا فرغ من ضربه أخرِج فألبس قممصًا له قُوهيًّا (١) على الضرب، وأتيَ به إلينا؛ فوالله ما قدروا على نزع القميص من لُصوقه بالدم، حتى حلبوا عليه شاة، ثم انتزع القميص ثم داووه، فقال أبو جعفر: احدروا بهم إلى العراق، فقدِم بنا إلى الهاشميَة، فحبِسنا بها؛ فكان أوّل من مات في الحبس عبد الله بن حسن؛ فجاء السجان فقال: ليخرج أقربُكم به فليصلّ عليه؛ فخرج


(١) القوهي: ثياب بيض تنسب إلى قُوهُسْتان؛ كورة بين نيسابور وهَراة. القاموس ص ١٦١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>