بالقصب، فسار إلى الكوفة وسرتُ معه، فصيَّح بي فلحقتُه، فصَمتَ طويلًا ثم قال: يا بن الربيع، خرج محمد، قلت: أين؟ قال: بالمدينة، قلت: هلك والله وأهلك؛ خرج والله في غير عدد ولا رجال يا أميرَ المؤمنين؛ ألا أحدّثك حديثًا حدّثنيه سعيد بن عمرو بن جعدة المخزوميّ؟ قال: كنت مع مَرْوان الزّاب واقفًا، فقال: يا سعيد، مَنْ هذا الذي يقاتلني في هذه الخيل؟ قلتُ: عبد الله بن عليّ بن عبد الله بن عباس، قال: أيّهم هو؟ عَرِّفْه، قلت: نعم، رجل أصفر حَسَن الوجه رقيق الذراعين، رجل دخل عليك يشتم عبد الله بن معاوية حين هزم؛ قال: قد عرفته، والله لوددت أن عليّ بن أبي طالب يقاتلني مكانه؛ إن عليّا وولده لاحظّ لهم في هذا الأمر، وهذا رجل من بني هاشم وابن عمّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عباس، معه ريح الشأم ونصر الشأم، يا بن جعدة، تدري ما حملني على أن عقدتُ لعبد الله وعبيد الله ابني مروان، وتركتُ عبدَ الملك وهو أكبر من عبيد الله؟ قلتُ: لا، قال: وجدتُ الذي يلي هذا الأمر عبد الله؛ وكان عبيد الله أقربَ إلى عبد الله من عبد الملك، فعقدتُ له، فقال: أنشدك الله! أحدّثك هذا ابن جعدة! قلت: ابنةُ سفيان بن معاوية طالق البتّة إن لم يكن حدثني ما حدتتك.
قال عمر: وحدّثني محمد بن يحيى، قال: حدّثني الحارث بن إسحاق، قال: خرج إلى أبي جعفر في الليلة التي ظهر فيها محمد رجل من آل أويس بن أبي سَرْح من بني عامر بن لؤيّ، فسار تسعًا من المدينة، فتهدم ليلًا، فقام على أبواب المدينة، فصاح حتى نُذِر به، فأدخِل، فقال له الربيع: ما حاجتك هذه الساعة وأمير المؤمنين نائم! قال: لابدّ لي منه، قال: أعلمْنا نُعلمْه، فأبى فدخل الرّبيع عليه فأعلَمه، فقال: سلْه عن حاجته ثم أعلمني؛ قال: قد أبى الرّجلُ إلا مشافهتك، فأذن له، فدخل عليه، فقال: يا أميرَ المؤمنين، خرج محمد بن عبد الله بالمدينة، قال: قتلتَه وانته إن كنت صادقًا! أخبرني مَنْ معه؟ فسمَّى له مَن خرج معه من وجوه أهل المدينة وأهل بيته، قال: أنتَ رأيتَه وعاينتَه؟ قال: أنا رأيته وعاينته وكلمتُه على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالسًا، فأدخله أبو جعفر بيتًا، فلما أصبح جاءه رسول لسعيد بن دينار، غلام عيسى بن موسى كان يلي أموال عيسى بالمدينة، فأخبره بأمر محمد، وتواترت عليه أخباره، فأخرج الأويسيّ فقال: لأوطئنّ الرجال عَقِيبك ولأغنينّك؛ وأمر له بتسعة آلاف، لكلّ ليلة سارَها ألفًا.