للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} (١)، ولكنكم بنو ابنته؛ وإنها لقرابة قريبة؛ ولكنها لا تحوز الميراث، ولا ترث الولاية، ولا تجوز لها الإمامة؛ فكيف تورَث بها! ولقد طلبها أبوك بكلّ وجه فأخرجها نهارًا، ومَرضها سرًّا، ودفنها ليلًا؛ فأبى الناس إلا الشيخين وتفضيلهما، ولقد جاءت السنّة التي لا اختلاف فيها بين المسلمين أن الجدّ أبا الأم والخال والخالة لا يرثون.

وأما ما فخرت به من عليّ وسابقته، فقد حضرتْ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - الوفاةُ، فأمر غيرَه بالصلاة، ثم أخذ الناس رجلًا بعد رجل فلم يأخذوه؛ وكان في الستّة فتركوه كلهم دفعًا له عنها، ولم يروْا له حقًّا فيها؛ أما عبد الرحمن فقدّم عليه عثمان، وقُتِل عثمان وهو له متَّهم، وقاتله طلحة والزبير، وأبى سعد بيعَته، وأغلق دونه بابه، ثم بايع معاويةَ بعده، ثم طلبها بكلّ وجه وقاتل عليها، وتفرّق عنه أصحابه، وشكّ فيه شيعتُه قبل الحكومة، ثم حكَّم حكَمين رضي بهما، وأعطاهما عهده وميثاقه، فاجتمعا على خلعه، ثم كان حسن فباعها من معاوية بخرَق ودراهم ولحق بالحجاز، وأسلم شيعته بيد معاوية ودفع الأمر إلى غير أهله؛ وأخذ مالًا من غير ولائه ولا حِلّه، فإنْ كان لكم فيها شيء فقد بعتموه وأخذتم ثمنه، ثم خرج عمّك حسين بن عليّ على ابن مَرْجانة (٢)، فكان الناس معه عليه حتى قتلوه، وأتْوا برأسه إليه، ثم خرجتم عليّ بني أميّة، فقتلوكم وصلَّبوكم على جُذوع النخل، وأحرقوكم بالنيران، ونفوْكم من البلدان؛ حتى قُتِل يحيى بن زيد بخُراسان، وقتلوا رجالكم وأسروا الصِّبيْة والنساء، وحملوهم بلا وطاء في المحامل (٣) كالسّبْي المجلوب إلى الشأم؛ حتى خرجنا عليهم فطلبنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم وأورثناكم أرضهم وديارهم، وسنّينا سلفكم وفضّلناه، فاتخذتَ ذلك علينا حجة.

وظننت أنا إنما ذكرنا أباك وفضلناه للتقدمة منّا له على حمزة والعباس


(١) الأحزاب: ٤٠.
(٢) هو عبيد الله بن زياد، ومرجانة أمه.
(٣) الوطاء: المهاد الوطئ. القاموس ص ٧٠. والمحمل: شقان على البعير؛ يحمل فيهما العديلان؛ وجمعه محامل. القاموس ص ١٢٧٦. في الكامل: "ثم أتوابكم على الأقتاب من غير أوطئة كالسبي المجلوب".

<<  <  ج: ص:  >  >>