للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوْلاهم بكلّ خير في الدنيا والآخرة؛ ولِكنّ الأمر لله يختارُ لدينه من يشاء؛ قال الله عزّ وجل: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (١)؛ ولقد بعث الله محمدًا عليه السلام وله عُمومة أربعة، فأنزل الله عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (٢). فأنذرهم ودعاهم، فأجاب اثنان أحدهما أبي، وأبى اثنان أحدهما أبوك؛ فقطع الله ولايتهما منه؛ ولم يجعل بينه وبينهما إلَّا ولا ذمة ولا ميراثًا. وزعمتَ أنك ابن أخفّ أهل النار عذابًا وابن خير الأشرار؛ وليس في الكفر بالله صغير، ولا في عذاب الله خفيف ولا يسير؛ وليس في الشرّ خيار؛ ولا ينبغمي لمؤمن يؤمن بالله أن يفخر بالنار، وستردُ فتعلم، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (٣).

وأما ما فخرت به من فاطمة أمّ عليّ وأنّ هاشمًا ولده مرتين، ومن فاطمة أمّ حسن، وأن عبد المطلب ولده مرتين؛ وأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ولدك مرتين؛ فخير الأوّلِين والآخرين رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يلده هاشم إلّا مرةً ولا عبد المطلب إلا مرّة.

وزعمت أنك أوسط بني هاشم نسبًا، وأصرحهم أمًّا وأبًا؛ وأنه لم تلدك العجَمُ ولم تعرّق فيك أمّهاتُ الأولاد؛ فقد رأيتُك فخرت عليّ بني هاشم طرًّا؛ فانظر ويحك أين أنْتَ من الله غدًا! فإنك قد تعدَّيتَ طَوْرك، وفخرت على مَنْ هو خير منك نفسًا وأبًا وأولًا وآخرًا، إبراهيم (٤) بن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى والد ولده؛ وما خيار بني أبيك خاصّة وأهل الفضل منهم إلّا بنو أمهات أولاد، وما وُلد فيكم بعد وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ من عليّ بن حسين، وهو لأمّ (٥) ولد؛ ولهو خير من جدّك حسن بن حسن؛ وما كان فيكم بعده مثلُ ابنه محمد بن عليّ، وجدّتُه أمّ ولد؛ ولهو خيرٌ من أبيك، ولا مثل ابنه جعفر وجدّته أمّ ولد؛ ولهو خيرٌ منك.

وأما قولك: إنكم بنو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن الله تعالى يقول في كتابه: {مَا كَانَ


(١) القصص: ٥٦.
(٢) الشعراء: ٢١٤.
(٣) الشعراء: ٢٢٧.
(٤) أم إبراهيم مارية التي أهداها المقوقس عظيم القبط إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
(٥) أم علي زين العابدين؛ سبية من بنات يزدجرد. وانظر ابن خلكان (١: ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>