للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحسين؛ وإني أوسط بني هاشم نسبًا، وأصرحُهم أبًا، لم تعرّق فيّ العجم (١)، ولم تنازع فيّ أمهاتُ الأولاد؛ فما زال الله يختارُ لي الآباء والأمهات في الجاهلية والإسلام حتى اختار لي في النار؛ فأنا ابن أرفع الناس درجة في الجنة، وأهونهم عذابًا في النار (٢)، وأنا ابن خير الأخيار، وابن خير الأشرار، وابن خير أهل الجنة، وابن خير أهل النار، ولك الله عليّ إن دخلتَ في طاعتي، وأجبت دعوتي أن أؤمّنك على نفسك ومالك؛ وعلى كل أمر أحدثته؛ إلا حدًّا من حدود الله أو حقًّا لمسلم أو معاهد؛ فقد علمتَ ما يلزمك من ذلك، وأنا أوْلى بالأمر منك وأوفى بالعهد؛ لأنك أعطيتَني من العهد والأمان ما أعطيته رجالًا قبلي؛ فأيّ الأمانات تعطيني! أمان ابن هبيرة، أم أمان عمّك عبد الله بن عليّ، أم أمان أبي مسلم (٣)!

فكتب إليه أبو جعفر:

بسم الله الرحمن الرحيم

أما بعدُ، فقد بلغني كلامُك، وقرأتُ كتابَك، فإذا جلُّ فخرك بقرابة النساء؛ لتضلَّ به الجُفاة والغوغاء؛ ولم يجعل الله النساء كالعمُومة والآباء، ولا كالعَصبة والأولياء؛ لأن الله جعل العمّ أبًا، وبدأ به في كتابه على الوالدة الدنيا (٤)، ولو كان اختيارُ الله لهنّ على قدر قرابتهنّ كانت آمنةُ أقرَبهن رحِمًا، وأعظمهن حقًّا؛ وأوّل من يدخل الجنة غدًا؛ ولكن اختيار الله لخلقه على علمه لما مضى منهم، واصطفائه لهم.

وأما ما ذكرت من فاطمة أمّ أبي طالب وولادتها؛ فإن الله لم يرزق أحدًا من ولدها (٥) الإسلام لا بنتًا ولا ابنًا؛ ولو أن أحدًا رُزق الإسلام بالقرابة رُزقه عبد الله


(١) يعرض بالمنصور؛ وكانت أمه أم ولد يقال لها سلامة بربرية؛ انظر مروج الذهب (٢: ٢٩٤).
(٢) يعني جده أبا طالب.
(٣) كامل المبرد: (١١٣ - ١١٦).
(٤) الكامل: "الوالد الأدنى"، وبعدها هناك: "فقال جل ثناؤه عن نبيه يوسف عليه السلام {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ}.
(٥) ذكر الطبري أن أولادها هم: "عبد الله أبو رسول الله، والزبير، وعبد الكعبة، وعاتكة، وبرة، وأميمة، ولد عبد المطلب إخوة، وأمهم جميعًا فاطمة بنت عمرو".

<<  <  ج: ص:  >  >>