للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انسلَّ منه، فذهب إلى أبي جعفر، فكتب موسى إلى محمد: إني أخبرك أني لقيت الشأم وأهله، فكان أحسنهم قولًا الذي قال: والله لقد مللنا البلاء، وضقنا به ذرعًا؛ حتى ما فينا لهذا الأمر موضع، ولا لنا به حاجَة؛ ومنهم طائفة تحلف: لئن أصبحنا من ليلتنا أو مسّينا من غد ليرفعنّ أمرنا وليدلنّ علينا؛ فكتبت إليك وقد غيبت وجهي، وخفت على نفسي، قال الحارث: ويقال إنّ موسى ورزامًا وعبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور توجهوا إلى الشأم في جماعة؛ فلما ساروا بتيْماء، تخلّف رزام ليشتري لهم زادًا، فركب إلى العراق، ورجع موسى وأصحابه إلى المدينة.

قال: وحدّثني عيسى، قال: حدثني موسى بن عبد الله، ببغداد ورزام معنا، قال: بعثني محمد ورزامًا في رجال معنا إلى الشأم، لندعُوَ له؛ فإنا لبدَوْمَة الجِندل؛ إذا أصابنا حرٌّ شديد؛ فنزلنا عن رواحلنا نغتسل في غدير، فاستلَّ رزام سيفه، ثم وقف على رأسي، وقال: يا موسى، أرأيتَ لو ضربتُ عنقك ثم مضيت برأسك إلى أبي جعفر؛ أيكون أحد عنده في منزلتي! قال: قلت: لا تدع هزلَك يا أبا قيس! شمْ سيفك غفر الله لك. قال: فشام سيفه، فركبنا، قال عيسى: فرجع موسى قبل أن يصل إلى الشأم، فأتى البصرة هو وعثمان بن محمد، فدُلّ عليهما، فأخِذا.

قال: وحدّثني عبد الله بن نافع بن ثابت بن عبد الله بن الزّبير، قال: حدّثني أخي عبد الله بن نافع الأكبر، قال: لما ظهر محمد لم يأته أبي نافع بن ثابت، فأرسل إليه، فأتاه وهو في دار مَرْوان، فقال: يا أبا عبد الله، لم أرك جئتنا! قال: ليس فيّ ما تريد، فألحّ عليه محمد؛ حتى قال: البس السلاحَ يتأسّ بك غيرك، فقال: أيها الرجل؛ إني والله ما أراك في شيء، خرجتَ في بلد ليس فيه مال ولا رجال ولا كُراع ولا سلاح؛ وما أنا بمهلك نفسي معك، ولا معين على دمي، قال: انصرفْ؛ فلا شيء فيك بعد هذا قال: فمكث يختلف إلى المسجد إلى أن قُتِل محمد، فلم يصلّ في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومُ قُتل إلا نافع وحدَه.

ووجّه محمد بن عبد الله لما ظهر - فيما ذكر عمر بن أزهر بن سعيد بن نافع - الحسن بن معاوية إلى مكة عاملًا عليها، ومعه العباس بن القاسم - رجل من آل أبي لهب - فلم يشعر بهم السريّ بن عبد الله حتى دنَوْا من مكة، فخرج إليهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>