حتى أتى إبراهيم وهو في بيت، عليه مدرّعة صوف وعمامة - وقيل بل عليه قَباء كأقبية العبيد - فصاح به: قم؛ فوثب كالفزع؛ فجعل يأمره وينهاه حتى أتى المدائن، فمنعه صاحب القنطرة بها، فدفع إليه جوازه، فقال: أين غلامك؟ قال: هذا؛ فلما نظر في وجهه، قال: والله ما هذا غلامك؛ وإنه لإبراهيم بن عبد الله بن حسن، ولكن اذهبْ راشدًا، فأطلقهما وهرب، قال عمر: فقال بعضهم: ركبا البريد حتى صارا بعَبْدَسِي، ثم ركبا السفينة حتى قدما البصرة فاختفيا بها، قال: وقد قيل: إنه خرج من عند أبي جعفر حتى قدم البصرة فاختفيا بها، قال: وقد قيل: إنه خرج من عند أبي جعفر حتى قدم البصرة، فجعل يأتي بهم الدارَ، لها بابان، فيقعد العشرة منهم على أحد البابيْن، ويقول: لا تبرحوا حتى آتيَكم، فيخرج من الباب الآخر ويِتركهم، حتى فرّق الجند عن نفسه، وبقي وحده فاختفى حتى بلغ الخبر سفيان بن معاوية، فأرسل إليهم فجمعهم، وطلب العمّيّ فأعجزه.
قال عمر: وحدثني ابن عائشة، قال: حدّثني أبي، قال: الذي احتال لإبراهيم حتى أنجَاهما منه عمرو بن شداد.
قال عمر: وحدثني رجل من أهل المدائن، عن الحسن بن عمرو بن شدّاد، قال: حدّثني أبي، قال: مرّ بي إبراهيم بالمدائن مستخفيًا، فأنزلته دارًا لي على شاطئ دِجْلة، وسُعي بي إلى عامل المدائن؛ فضربني مئة سَوْط، فلم أقررِ له؛ فلما تركني أتيت إبراهيمَ فأخبرتُه، فانحدر.
قال: وحدّثني العباس بن سفيان بن يحيى بن زياد مولى الحجاج بن يوسف - وكان يحيى بن زياد ممَن سُبِي من عسكر قطريّ بن الفجاءة - قال: لما ظهر إبراهيم كنت غلامًا ابنَ خمس سنين، فسمعتُ أشياخنا يقولون: إنه مرّ منحدرًا يريد البصرة من الشأم؛ فخرج إليه عبد الرحيم بن صفوان من موالي الحجاج، ممن سُبِي من عَسْكر قَطَرِيّ؛ قال: فمشى معه حتى عبّره المآصر؛ قال: فأقبل بعض مَنْ رآه، فقال: رأيتُ عبدَ الرحيم مع رجل شاطر، متحجز بإزار (١)
(١) يقال: احتجز بالإزار، إذا شده على وسطه، وأصل الحجزة: موضع شد الإزار.