مُوَرّد، في يده قَوس جُلَاهِق (١) يرمي به؛ فلما رجع عبد الرحيم سُئِل عن ذلك فأنكره، فكان إبراهيم يتنكّر بذلك.
قال: وحدّثني نصر بن قُديد، قال: لما قدم إبراهمِم منصرَفه من بغداد، نزل على أبي فَرْوة في كِنْدة فاختفى، وأرسل إلى الناس يندبهم للخروج.
قال عمر: وحدّثني عليّ بن إسماعيل بن صالح بن ميثم الأهوازيّ، قال: حدّثني عبد الله بن الحسن بن حبيب، عن أبيه، قال: كان إبراهيم مختفيًا عندي على شاطى دُجَيْل، في ناحية مدينة الأهواز؛ وكان محمد بن حُصين يطلبه، فقال يومًا: إنّ أمير المؤمينن كتب إليّ يخبرني أنّ المنجّمين يخبرونه أن إبراهيم بالأهواز نازل في جزيرة بين نهرين، فقد طلبتُه في الجزيرة حتى وثِقت أنه ليس هناك - يعني بالجزيرة التي بين نهر الشاه جُرْد ودُجَيْل - فقد اعتزمتُ أن أطلبه غدًا في المدينة، لعلّ أمير المؤمنين يعني بين دجيل والمسرقان، قال: فأتيتُ إبراهيم، فقلت له: أنت مطلوب غدًا في هذه الناحية، قال: فأقمت معه بقيّة يومي، فلما غشيَني الليل، خرجت به حتى أنزلته في أدانى دشت أربُك دون الكثّ؛ فرجعت من ليلتي، فأقمت أنتظر محمدًا أن يغدُوَ لطلبه؛ فلم يفعل حتى تصرّم النهار، وقربت الشمس تغرُب، فخرجتُ حتى جئت إبراهيم، فأقبلت به حتى وافينا المدينة مع العشاء الآخرة ونحن على حماريْن؛ فلما دخلنا المدينة فصرنا عند الجبل المقطوع؛ لقيَنا أوائل خيل بن حصين، فرمى إبراهيم بنفسه عن حِماره وتباعد؛ وجلس يبول، وطَوَتني الخيل، فلم يعرّج عليّ منهم أحد؛ حتى صرت إلى ابن حُصين؛ فقال لي: أبا محمد؛ من أين في مثل هذا الوقت؟ فقلت: تمسَّيت عند أهلي، قال: ألا أرسل معك مَنْ يبلِّغُك؟ قلت: لا، قد قرُبت من أهلى، فمضى يطلب، وتوجّهت على سَنني حتى انقطع آخر أصحابه، ثم كررتُ راجعًا إلى إبراهيم؛ فالتمست حماره حتى وجدتُه، فركب، وانطلقنا حتى بِتْنَا في أهلنا، فقال إبراهيم: تعلم والله لقد بُلت البارحة دمًا؛ فأرسِلْ من ينظر، فأتيت الموضع الذي بال فيه، فوجدته قد بال دمًا.
قال: وحدّثني الفضل بن عبد الرحيم بن سليمان بن عليّ، قال: قال
(١) في اللسان: "الجلاهق": البندق؛ ومن الجلاهق؛ وأصله بالفارسية: "جله".