للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعلم فيقتَل. وقال عبد الله بن يزيد: يا عمرو بن حريث، إن أنا أبطأتُ عنك فصلِّ بالناس الظهر.

فلما انتهى عبد الله بن يزيدَ وإبراهيم بن محمد إلى سليمان بن صُرَد دخلا عليه، فحَمِد الله عبد الله بن يزيد وأثنَى عليه ثمّ قال: إن المسلم أخو المسلم لا يخونه، ولا يغشّهُ، وأنتم إخوانُنا، وأهلُ بلدنا، وأحبّ أهلِ مصْر خلَقَهُ الله إلينا، فلا تفجعونا بأنفسكم، ولا تستَبِدّوا علينا برأيكم، ولا تنقصوا عدَدنا بخروجكم من جماعتنا؛ أقيموا معنا حتى نتيسّر ونتهيأ، فإذا علمنا أن عدونا قد شارف بلدنا خرجْنا إليهم بجماعتنا فقاتلْنَاهم. وتكلم إبراهيم بن محمد بنحو من هذا الكلام. قال: فحمِد الله سليمانُ بن صُرَد وأثنى عليه ثم قال لهما: إنّي قد علمت أنكما قد مَحَضْتما في النصيحة، واجتهدتما في المشورة، فنحن بالله وله، وقد خرجنا لأمر، ونحن نسأل الله العزيمة على الرشد والتسديد لأصوَبه، ولا نرانا إلا شاخصين إن شاء الله ذلك. فقال عبد الله بن يزيد: فأقيموا حتى نُعبِّئَ معكم جيشًا كثيفًا، فتلقوا عدوكم بكثف وجمع وحدٍّ. فقال سليمان: تنصرفون، ونرى فيما بيننا، وسيأتيكم إن شاء الله رأيٌ (١). (٥/ ٥٨٥ - ٥٨٧).

قال أبو مخنف: عن عبد الجبّار - يعني ابن عباس الهمدانيّ - عن عَوْن ابن أبي جُحَيفة السُّوَائيّ، قال: ثمّ إنّ عبد الله بن يزيدَ وإبراهيم بن محمد بن طلحة عَرَضا على سليمان أن يقيم معهما حتى يلقوا جموعَ أهل الشأم على أن يخصّاه وأصحابه بخراج جُوخَى خاصّة لهم دون الناس، فقال لهما سليمان: إنَّا ليس للدّنيا خرجنا؛ وإنما فعلا ذلك لما قد كان بلغهما من إقبال عُبيد الله بن زياد نحوَ العراق. وانصرف إبراهيم بن محمد وعبد الله بن يزيدَ إلى الكوفة. وأجمع القوم على الشخوص واستقبال ابن زياد، ونظروا فإذا شيعتُهم من أهل البَصرة لم يوافوهم لميعادهم ولا أهل المدائن، فأقبل ناس من أصحابه يلزمونهم، فقال سليمان: لا تلزموهم فإني لا أراهم إلا سيُسرعون إليكم، لو قد انتهى إليهم خبركم وحينُ مسيركم، ولا أراهم خلّفهم ولا أقعدَهم إلا قلّةُ النفقة وسوءُ العُدّة، فأقيموا ليتيسّروا ويتجهّزوا ويلحقوا بكم وبهم قوّة، وما أسرعَ القوم في


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>