ومبالدةً، ثمّ إن الله عزّ وجلّ أنزل نصره على المؤمنين، وضرب وجوه الكافرين ونزل طاغيتُهم في رجال كثير من حُماتهم وذوي نيّاتهم، فقتلهم الله في المعركة، ثمّ اتّبعت الخيل شرادَهم، فقتلوا في الطريق والآخاذ، والقريّ، والحمد لله رب العالمين، والسلام عليك ورحمة الله.
فلما أتى هذا الكتابُ الحارثَ بن عبد الله بن أبي ربيعة بعثَ به إلى الزُّبير فقرئ على الناس بمكّة.
وكتب الحارث بن أبي ربيعة إلى المهلَّب:
أما بعد، فقد بلغني كتابك، تذكر فيه نصر الله إيّاك، وظَفَر المسلمين، فهنيئًا لك يا أخا الأزد بشرف الدنيا وعزّها، وثوابِ الآخرة وفضلها، والسلام عليك ورحمة الله.
فلما قرأ المهلَّب كتابه ضحك ثم قال: أما تظنّونه يعرفني إلا بأخي الأزد! ما أهل مكة إلا أعرابٌ (١). (٥/ ٦١٧ - ٦٢٠).
قال أبو مخنف: فحدّثني أبو المُخَارق الراسبيّ أن أبا علقمة اليَحْمَديّ قاتَلَ يوم سِلَّى وسِلَّبرَى قتالًا لم يقاتله أحدٌ من الناس، وأنه أخذ ينادي في شَباب الأزْد وفتيان اليَحْمَد: أعيرونا جَماجِمَكم ساعةً من نهار؛ فأخذ فتيانٌ منهم يكرّون، فيقاتلون ثم يرجعون إليه، يضحكون ويقولون: يا أبا علقمة القدورُ تُستعار! فلما ظهر المهلَّب ورأى من بلائه ما رأى وفّاه مئة ألف.
وقد قيل: إنّ أهلَ البصرة قد كانوا سألوا الأحنف قَبْل المهلب أن يقاتل الأزارقة، وأشار عليهم بالمهلّب، وقال: هو أقوى على حربهم مني، وإن المهلب إذ أجابهم إلى قتالهم شَرَط على أهل البصرة أنّ ما غلب عليه من الأرض فهو له ولمن خفّ معه من قومه وغيرهم ثلاثَ سنين، وأنه ليس لمن تخلّف عنه منه شيء، فأجابوه إلى ذلك، وكتب بذلك عليهم كتابًا، وأوفدوا بذلك وفدًا إلى ابن الزبير.
وإنّ ابن الزبير أمضى تلك الشروط كلَّها للمهلَّب وأجازها له، وإنّ المهلب