للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَصَى وكذّب وتولَّى. ألا فادخلوا أيها الناس فبايعوا بيعة هدى، فلا والَّذي جعل السماءَ سَقْفًا مكفوفًا، والأرضَ فجَاجًا سُبُلا، ما بايعتم بعد بيعة عليّ بن أبي طالب وآل عليّ أهدَى منها.

ثمّ نزل فَدَخل ودخلنا عليه وأشراف الناس، فبَسَط يدَه وابتدره الناس فبايعوه، وجعل يقول: تبايعوني على كتاب الله وسنة نبيّه، والطلب بدماء أهل البيت، وجهاد المُحِلّين، والدفع عن الضّعفاء، وقتال مَنْ قاتلنا، وسلم مَنْ سالمنا، والوفاء ببيعتنا، لا نقيلكم ولا نستقيلكم؛ فإذا قال الرجل: نعم، بايَعَه، قال: فكأني والله أنظر إلى المنذر بن حسَّان بن ضِرار الضبيّ إذ أتاه حتَّى سلَّم عليه بالإمْرة، ثمّ بايعه وانصرف عنه، فلمَّا خرج من القصر استقبل سعيد بن منقذ الثوريّ في عصابة من الشِّيعة واقفًا عند المصطبة، فلمَّا رأوه ومعه ابن حيَّان بن المنذر، قال رجل من سفهائهم: هذا والله من رؤوس الجبَّارين، فشَدُّوا عليه وعلى ابنه، فقتلوهما، فصاح بهم سعيدُ بن منقذ: لا تَعجَلوا، لا تعجَلوا حتى ننظر ما رأيُ أميركم فيه، قال: وبلغ المختارَ ذلك، فكرهه حتى رُئي ذلك في وجهه، وأقبل المختار يمنّي الناسَ، ويستجرّ مودّتهم ومودّة الأشراف، ويُحسن السيرة جُهدَه.

قال: وجاءه ابن كامل فقال للمختار: أعلمتَ أنّ ابن مطيع في دار أبي موسى؟ فلم يُجبه بشيء، فأعادها عليه ثلاث مرات، فلم يُجبه، ثمّ أعادها فلم يُجِبه، فظنّ ابن كامل أنّ ذلك لا يوافقه، وكان ابن مطيع قبلُ للمختار صَدِيقًا، فلمَّا أمسى بعث إلى ابن مطيع بمئة ألف درهم. فقال له: تجهَّزْ بهذه واخرج؛ فإني قد شعرت بمكانك، وقد ظننتُ أنَّه لم يمنعْك من الخروج إلّا أنَّه ليس في يديك ما يقوّيك على الخروج، وأصاب المختار تسعةَ آلاف ألف في بيت مال الكوفة، فأعطى أصحابه الَّذين قاتل بهم حين حصر ابن مطيع في القصر - وهم ثلاثة آلاف وثمانمئة رجل - كلّ رجل خمسمئة درهم، خمسمئة درهم، وأعطى ستَّة آلاف من أصحابه أتَوْه بعدما أحاط بالقصر، فأقاموا معه تلك الليلة وتلك الثلاثة الأيَّام حتَّى دخل القصر مئتين مئتين، واستقبل الناس بخير، ومَنَّاهم العدل وحسنَ السيرة، وأدنى الأشرافَ، فكانوا جلساءَه وحُدّاثَه، واستعمل على شُرْطتِه عبد الله بن كامل الشَّاكريّ، وعلى حَرَسه كيسان أبا عَمْرَة

<<  <  ج: ص:  >  >>