للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مولى عُرَينة؛ فقام ذات يوم على رأسه، فرأى الأشراف يحدّثونه، ورآه قد أقبل بوجهه وحديثِه عليهم، فقال لأبي عَمْرة بعضُ أصحابه من الموالي: أما ترى أبا إسحاق قد أقبل على العرب ما ينظر إلينا! فدعاه المختار فقال له: ما يقول لك أولئك الّذين رأيتهم يكلِّمونك؟ فقال له - وأسرّ إليه: شقّ عليهم أصلحك الله صَرْفَك وجهَك عنهم إلى العرب، فقال له: قُل لهم: لا يشقنّ ذلك عليكم، فأنتم مني وأنا منكم، ثمّ سكت طويلًا، ثم قرأ: {إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ}. قال فحدّثني أبو الأشعر موسى بن عامر قال: ما هو إلّا أن سمعها الموالي منه، فقال بعضهم لبعض: أبشروا كأنكم والله به قد قَتَلَهم (١). (٦/ ٣٢ - ٣٣).

قال أبو مخنف: حدّثني حَصِيرة بن عبد الله الأزديّ وفُضَيل بن خَديج الكنديّ والنضر بن صالح العبسي، قالوا: أوّل رجل عقد له المختار رايةَ عبدَ الله بن الحارث أخو الأشتر، عقَد له على أرمينيّة، وبعث محمَّد بن عمير بن عُطارد على أذربيجان، وبعث عبد الرحمن بن سعيد بن قيس على المَوْصل، وبعث إسحاق بن مسعود على المدائن وأرض جُوخَى، وبعث قُدامة بن أبي عيسى بن ربيعة النصريّ، وهو حليف لثقيف على بِهْقُباذ الأعلى، وبعث محمَّد بن كعب بن قَرَظةَ على بهقُباذ الأوسط، وبعث حبيب بن منقذ الثوريّ على بهقُباذ الأسفل، وبعث سعد بن حذيفة بن اليَمَان على حُلوان، وكان مع سعد بن حذيفة ألفَا فارس بحُلوان، قال: ورزقه ألف درهم في كلّ شهر، وأمره بقتال الأكراد، وبإقامة الطرق، وكتب إلى عمّاله على الجبال يأمرهم أن يحملوا أموال كُوَرهم إلى سعد بن حذيفة بحُلوان، وكان عبد الله بن الزبير قد بعث محمَّد بن الأشعث بن قيس على الموصل، وأمره بمكاتبة ابن مطيع وبالسمع له والطاعة، غير أنّ ابن مطيع لا يقدر على عزله إلا بأمر ابن الزبير، وكان قبل ذلك في إمارة عبد الله بن يزيدَ، وإبراهيم بن محمد منقطعًا بإمارة الموصل، لا يكاتِب أحدًا دون ابنِ الزُّبير.

فلما قدم عليه عبد الرحمن بن سعيد بن قيس من قِبَل المختار أميرًا تنحَّى له عن الموصل، وأقبل حتى نزل تَكْريت، وأقام بها مع أناس من أشراف قومه


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>