فحُوصِرَ في دار الإمَارة بائيًا ... بذُلٍّ وإرغامٍ له وخُضوع
فمَنَّ وزيرُ ابن الوصيّ عليهمُ ... وكان لهمْ في الناس خيرَ شفيع
وآبَ الهدى حقًّا إلى مُسْتَقَرِّهِ ... بخيرِ إيابٍ آبَهُ وَرُجُوع
إلى الهاشميّ المهتدِي المهتدَى به ... فنحنُ له من سامعٍ ومطيع
قال: فلمَّا أنشدها المختارَ قال المختار لأصحابه: قد أثنَى عليكم كما تسمعون، وقد أحسن الثَّناءَ عليكم، فأحسِنوا له الجزاء، ثمّ قام المختار، فدخل وقال لأصحابه: لا تبرحوا حتَّى أخرج إليكم؛ قال: وقال عبد الله بن شدّاد الجُشَميّ: يا بن همّام: إنّ لك عندي فرسًا ومُطْرَفًا، وقال قيس بن طَهْفة النَّهديّ - وكانت عنده الرّباب بنت الأشعث: فإنّ لك عندي فرسًا ومُطْرفًا، واستحيا أن يعطيَه صَاحبُه شيئًا لا يعطي مثله، فقال ليزيد بن أنس: فما تعطيه؟ فقال يزيد: إن كان ثوابَ الله أراد بقوله فما عند الله خيرٌ له، وإنْ كان إنَّما اعتَرَى بهذا القول أموالَنا، فوالله ما في أموالنا ما يسعُه؛ قد كانت بقيتْ من عطائي بقيَّة فقوّيت بها إخواني؛ فقال أحمر بن شُمَيط مبادرًا لهم قبل أن يكلّموه: يا بن همّام، إن كنتَ أردت بهذا القول وجهَ الله فاطلب ثوابَك من الله، وإن كنتَ إنَّما اعتريت به رِضَا الناسِ وطلبَ أموالهم، فاكْدِم الجَنْدل، فوالله ما مَنْ قال قولًا لغير الله وفي غير ذات الله بأهلٍ أن ينحَل، ولا يوصَل؛ فقال له: عضضتَ بأير أبيك! فرفع يزيد بن أنس السوط وقال لابن همام: تقول هذا القولَ يا فاسق! وقال لابن شُمَيط: اضربه بالسيف، فرفع ابن شميط عليه السيف ووثب ووثب أصحابهما يتفلَّتون على ابن همام، وأخذ بيده إبراهيم بن الأشتر فألقاه وراءه، وقال: أنا له جارٍ، لِمَ تأتون إليه ما أرى! فوالله إنَّه لواصل الولاية، راضٍ بما نحن عليه، حسَن الثناء، فإن أنتم لم تكافئوه بحسن ثنائه، فلا تشتموا عرضَه، ولا تَسفِكوا دَمَه، ووثبتْ مَذْحِج فحالت دونه، وقالوا: أجارَهُ ابن الأشتر، لا واللهِ لا يُوصَل إليه، قال: وسمع لغَطهم المختار، فخرج إليهم، وأومأ بيده إليهم، أن اجلسوا، فجلسوا، فقال لهم: إذا قيل لكم خير فاقْبَلوه، وإن قدرتم على مكافأة فافعلوا،