للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو مخنف: حدّثني النَّضر بن صالح أنَّ القتل إذ ذاك كان استَحرّ في أهل اليمن، وأن مُضَر أصيب منهم بالكُناسة بضعة عشر رجلًا، ثمّ مضوا حتَّى مرّوا بربيعة، فرجع حجَّار بن أبجَر، ويزيد بن الحارث بن رؤيم وشدّاد بن المنذر - أخو حضين - وعكرمة بن ربعيّ، فانصرف جميع هؤلاء إلى رحالهم، وعطف عليهم في عكرمة فقاتلهم قتالًا شديدًا، ثمّ انصرف عنهم وقد خرج، فجاء حتَّى دخل منزلَه، فقيل له: قد مرّت خيلٌ في ناحية الحيّ؛ فخرج فأراد أن يثب من حائط داره إلى دار أخرى إلى جانبه فلم يستطع حتَّى حمَلَه غلام له، وكانت وقعة جبَّانة السَّبيع يوم الأربعاء لستّ ليال بقِين من ذي الحجَّة سنة ستّ وستّين.

قال: وخرج أشرافُ الناس فلَحِقوا بالبَصرة، وتجرّد المختارُ لقتَلة الحسين فقال: ما من ديننا تركُ قوم قتلوا الحسينَ يمشون أحياء في الدّنيا آمنين؛ بئس ناصرُ آل محمَّد أنا إذًا في الدنيا! أنا إذًا الكذّاب كما سمَّوْني، فإني بالله أستعين عليهم، الحمد لله الَّذي جعلني سيفًا ضربهم به، ورمحًا طعَنَهم به، وطالب وترهم، والقائم بحقّهم، إنَّه كان حَقًّا على الله أن يقتُل من قَتَلهم، وأن يذلّ من جهل حقَّهم، فسمّوهم لي ثمّ اتَبِعوهم حتَّى تُفنوهُم (١). (٦/ ٥٦ - ٥٧).

قال أبو مخنف: فحدّثني موسى بن عامر أنّ المختار قال لهم: اطلُبوا لي قَتَلَة الحسين، فإنَّه لا يَسُوغ ليَ الطعام والشرابُ حتَّى أطهّر الأرضَ منهم، وأنفي المُصِرّ منهم (٢). (٦/ ٥٧).

قال أبو مخنف: وحدّثني مالك بن أعيَن الجُهنيّ أنّ عبد الله بن دباس، وهو الَّذِي قَتَل محمَّد بن عمَّار بن ياسر الَّذِي قال الشاعر:

قَتِيل ابنِ دَبَّاسٍ أَصابَ قَذَالَهُ

هو الَّذي دلّ المختار على نفر ممَّن قَتَل الحسينَ، منهم عبد الله بن أسيد بن النَّزّال الجُهَنيّ من حُرَقة، ومالك بن النُّسير البدّيّ، وحَمَل بن مالك المحاربيّ؛ فبعث إليهم المختار أبا نِمْران مالك بن عمرو النَّهديّ - وكان من رُؤساء أصحاب المختار - فأتاهم وهمْ بالقادسيَّة، فأخذهم فأقبل بهم حتَّى أدخلهم عليه عِشاء،


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>