شجاعًا بئيسًا فلمَّا أن دنا من ابن زياد ضمّ حميد بن حُريث إليه، وأخذ ابن الأشتر لا يسير إلّا على تعبية، وضمّ أصحابه كلّهم إليه بخيله ورجاله، فأخذ يسير بهم جميعًا لا يفرّقهم، إلا أنَّه يبعث الطُفيل بن لقيط في الطَّلائع حتَّى نزل تلك القرية.
قال: وجاء عبيد الله بن زياد حتَّى نزل قريبًا منهم على شاطئ خازَر، وأرسل عميرُ بن الحُباب السلميّ إلى ابن الأشتر: إني معك، وأنا أريد الليلة لقاءك، فأرسل إليه ابن الأشتر: أن القنى إذا شئت، وكانت قيس كلُّها بالجزيرة، فهم أهلُ خلاف لمروان وآلِ مروان، وجند مروان يومئذ كلبٌ وصاحبهم ابن بَحْدل، فأتاه عُمَير ليلًا فبايَعه، وأخبره أنَّه على ميسرة صاحبه، وواعده أن ينهزم بالنَّاس، وقال ابن الأشتر: ما رأيُك؟ أخندق عليّ وأتلوّم يومين أو ثلاثة؟ قال عمير بن الحُباب: لا تفعل، إنَّا لله! هل يريد القومُ إلّا هذه! إنْ طاولوك وماطالوك فهو خير لهم، هم كثيرٌ أضعافكم، وليس يطيق القليلُ الكثير في المطاولة؛ ولكن ناجز القوم فإنَّهم قد مُلِئوا منكم رُعْبًا، فائتِهم فإنَّهم إن شاموا أصحابك وقاتلوهم يومًا بعد يوم، ومرّة بعد مرّة أنِسوا بهم، واجترؤوا عليهم، قال إبراهيم: الآن علمتُ أنَّك لي مناصح، صدقتَ، الرأي ما رأيت، أما إنّ صاحبي بهذا أوصاني، وبهذا الرأي أمرَني، قال عمير: فلا تعدونّ رأيه، فإن الشيخ قد ضرّستْه الحروب، وقاسى منها ما لم نُقاس، أصبح فناهِض الرجل.
ثمّ إن عميرًا انصرف، وأذكَى ابن الأشتر حَرَسه تلك اللَّيلة اللّيل كلَّه، ولم يدخل عينه غمْض، حتَّى إذا كان في السحر الأوّل عَبَّي أصحابه، وكتَّب كتائبه، وأمَّر أمراءَه، فبعث سُفْيان بن يزيد بن المُغَفَّل الأزديّ على ميمنته، وعليّ بن مالك الجُشميّ على ميسرته، وهو أخو أبي الأحوص.
وبعث عبد الرحمن بن عبد الله - وهو أخو إبراهيم بن الأشتر لأمّه - على الخيل.
وكانت خيلُه قليلةً فضمَّها إليه، وكانت في الميمنة والقلب، وجعل على رجّالته الطُّفَيل بن لقيط، وكانت رايتُهُ مع مزاحم بن مالك، قال: فلمَّا انفجر الفجر صلَّى بهم الغداة بغَلَس، ثمّ خرج بهم فصفَّهم، ووضع أمراء الأرباع في مواضعهم، وألحق أميرَ الميمنة بالميمنة، وأميرَ الميسرة بالميسرة، وأمير