للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّجالة بالرّجّالة، وضمّ الخيل إليه، وعليها أخوه لأمِّه عبد الرحمن بن عبد الله، فكانت وَسَطًا من الناس، ونزل إبراهيمُ يمشي وقال للناس: ازحَفوا فزَحَف الناسُ معه على رِسْلِهم رُوَيدًا رُوَيدًا حتَّى أشرف على تلّ عظيم مُشرِف على القوم، فجلس عليه، وإذا أولئك لم يتحرّك منهم أحد بعدُ - فسرّح عبدُ الله بن زهير السَّلوليّ وهو على فرس له يتأكَّل تأكُّلًا، فقال: قرّبْ عليّ فرسك حتَّى تأتيني بخبر هؤلاء، فانطلق، فلم يلبث إلّا يسيرًا حتَّى جاء، فقال: قد خرج القومُ على دَهَش وفَشَل، لقيَني رجل منهم فما كان له هِجِّيرَي إلا يا شيعَة أبي تُرَاب، يا شيعةَ المختار الكذّاب! فقلت: ما بيننا وبينكم أجلُّ من الشَّتم، فقال لي: يا عدوَّ الله، إلامَ تدعوننا! أنتم تقاتلون مع غير إمام، فقلت له: بل يا لثَأرات الحسين، ابن رسول الله! ادفعوا إلينا عُبيدَ الله بن زياد؛ فإنَّه قَتَل ابنَ رسولِ الله وسيِّد شباب أهل الجنَّة حتَّى نقتله ببعض موالينا الَّذين قتَلَهم مع الحسين، فإنَّا لا نراه لحسين نِدًّا فَنَرْضى أن يكون منه قَوَدًا، وإذا دفعتُموه إلينا فقتلناه ببعض موالينا الَّذين قتلهم جعلْنا بيننا وبينكم كتاب الله، أو أيَّ صالح من المسلمين شئتم حَكَمًا، فقال لي: قد جرّبناكم مرّة أخرى في مِثل هذا - يعني الحكَمَيْن - فَغدَرتم، فقلت له: وما هو؟ فقال: قد جعلنا بيننا وبينكم حَكَمين فلم ترضَوْا بحُكْمهما؛ فقلت له: ما جئت بِحجَّة، إنَّما كان صلحنا على أنَّهما إذا اجتمعا على رجل تبعنا حكمهما، ورضينا به وبايعناه، فلم يجتمعا على واحد، وتفرّقا، فكِلاهما لم يوفِّقْه الله لخير ولم يسدّده، فقال: مَنْ أنت؟ فأخبرته؛ فقلت له: من أنت؟ فقال: عَدَسْ - لبَغْلته يزجرها - فقلت له: ما أنصفتَني، هذا أوّل غَدْرِك!

قال: ودعا ابن الأشتر بفرس له فركبه، ثمّ مرّ بأصحاب الرّايات كلّها، فكلَّما مرّ على راية وقف عليها، ثم قال: يا أنصار الدِّين، وشيعةَ الحق، وشرْطة الله، هذا عُبيد الله بن مَرْجانَة قاتل الحسين بن عليّ، ابن فاطمة بنت رسول الله، حالَ بينه وبين بناتِه ونسائه وشيعته وبين ماء الفرات أن يشَرَبوا منه، وهم ينظرون إليه، ومَنَعه أن يأتي ابن عمِّه فيصالحَه، ومَنَعه أن ينصرف إلى رَحْله وأهلِه، ومنعه الذّهابَ في الأرض العريضة حتَّى قتله وقتَل أهْلَ بيته؛ فوالله ما عَمِل فرعون بُنَجباء بني إسرائيل ما عَمِل ابن مَرْجانة بأهلِ بيتِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الَّذين أذهب الله عنهم الرجس وطهَّرهم تطهيرًا، قد جاءكم الله به، وجاءه بكم، فوالله إني لأرجو

<<  <  ج: ص:  >  >>