للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألّا يكون الله جمع بينكم في هذا الموطن وبينه إلّا ليشفيَ صدوركم بسفك دمه على أيديكم، فقد علم الله أنَّكم خرجتم غَضَبًا لأهل بيت نبيِّكم. فسار فيما بين الميمنة والميسرة، وسار في الناس كلّهم فرغَّبهم في الجهاد، وحرّضهم على القتال، ثمّ رجع حتَّى نزل رايته، وزحف القوم إليه، وقد جعل ابنُ زياد على ميمنته الحُصين بن نمير السَّكُونيّ، وعلى ميسرته عُمَير بن الحُباب السُّلَمي، وشُرَحبيل بن ذي الكَلاع على الخيل وهو يمشي في الرجال، فلمَّا تدانَى الصفّان حمل الحُصَين بن نُمير في ميمنة أهل الشام على ميسرة أهل الكوفة، وعليها عليّ بن مالك الجُشَميّ؛ فثبت له هو بنفسه فقتِل، ثمّ أخذ رايته قُرّةُ بن عليّ، فقتل أيضًا في رجال من أهل الحفاظ قتلوا وانهزمت الميسرة، فأخذ رايته عليّ بن مالك الجُشَميّ عبدُ الله بن ورقاء بن جُنادة السَّلوليّ بن أخي حُبشي بن جُنادة صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاستقبل أهل الميسرة حين انهزموا، فقال: إليّ يا شُرطة الله؛ فأقبلَ إليه جُلُّهم، فقال: هذا أميركم يقاتل، سِيرُوا بنا إليه، فأقبل حتَّى أتاه وإذا هو كاشفٌ عن رأسه يُنادِي: يا شُرطة الله، إليّ أنا ابن الأشتر! إنّ خيرَ فُرّارِكم كُرّارُكم. ليس مُسيئًا من أعتَبَ، فثابَ إليه أصحابه، وأرسل إلى صاحب الميمنة: احمل على ميسرتهم - وهو يرجُو حينئذ أن ينهزم لهم عُمَير بن الحُباب كما زعم، فحمل عليهم صاحبُ الميمنة، وهو سُفْيان بن يزيد بن المغفَّل، فثبت له عُمَير بن الحباب وقاتَلَه قتالًا شديدًا، فلمَّا رأى إبراهيم ذلك قال لأصحابه: أمُّوا هذا السواد الأعظم، فوالله لو قد فَضَضناه لا نجفل من ترون منهم يمنةً ويَسْرة انجفالَ طير ذعرتها فطارت (١). (٦/ ٨٦ - ٨٩).

قال أبو مخنف: فحدّثني إبراهيمُ بن عبد الرحمن الأنصاريّ، عن ورقاءَ بن عازب، قال: مشيْنا إليهم حتَّى إذا دَنَوْنا منهم اطّعَنَّا بالرماح قليلًا، ثم صرنا إلى السيوف والعَمَد، فاضطربنا بها مليًّا من النهار، فوالله ما شَبَّهْتُ ما سمعتُ بيننا وبينهم من وقْع الحديد على الحديد إلا ميَاجِنَ قَصَّارِي دار الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعَيط، قال: فكان ذلك كذلك، ثمّ إنّ الله هزَمَهم، ومَنَحَنا أكتافَهم (٢). (٦/ ٨٩).


(١) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.
(٢) في إسنادها لوط بن يحيى التالف الهالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>