عازب الأسَديّ، وعُبيد الله بن زُهَير السُّلَميّ، قال: ولمَّا هُزم أصحاب عبيد الله تبعهم أصحابُ إبراهيمَ بن الأشتر، فكان مَنْ غرق أكثر مِمَّن قتل، وأصابوا عسكرهم فيه من كلّ شيء، وبلغ المختار وهو يقول لأصحابه: يأتيكم الفتح أحدَ اليومين إنْ شاء الله من قِبَل إبراهيم ابن الأشتر، وأصحابه، قد هزموا أصحاب عُبيد الله بن مَرْجانة، قال: فخرج المختار من الكوفة، واستخلف عليها السائبَ بنَ مالك الأشعريّ، وخرج بالناس، ونزل ساباطَ (١). (٦/ ٩١).
قال أبو مخنف: حدّثني المشرقيّ، عن الشعبيّ، قال: كنت أنا وأبي ممَّن خرج معه، قال: فلمَّا جُزْنا ساباطَ قال للنَّاس: أبشروا فإنّ شُرْطة الله قد حسُّوهم بالسيوف يومًا إلى اللَّيل بنَصيبينَ أو قريبًا من نصيبين ودُوَينَ منازلهم، إلّا أنّ جلَّهم محصور بنصيبين، قال: ودخلْنا المدائن، واجتمْعنا إليه، فصعِد المنبَر، فوالله إنَّه ليخطبنا ويأمرنا بالجدّ وحسْن الرأي والاجتهاد والثبات على الطاعة، والطلب بدماء أهل البيت عليهم السلام، إذ جاءتْه البشرى تَتْرَى يَتْبع بعضُها بعضًا بِقَتْل عبيد الله بن زياد وهزيمة أصحابه، وأخذ عسكره، وقتل أشراف أهل الشام، فقال المختار: يا شُرطة الله، ألم أبشِّركم بهذا قبل أن يكون! قالوا: بلى والله لقد قلت ذلك؛ قال: فيقول لي رجل من بعض جيراننا من الهَمْدانيِّين: أتؤمن الآن يا شعبيّ؟ قال: قلت بأيّ شيء أومن؟ أومن بأنّ المختار يعلَم الغيب! لا أومن بذلك أبدًا، قال: أوَ لم يقل لنا: إنَّهم قد هُزِموا! فقلتُ له: إنَّما زعم لنا أنَّهم هُزِموا بنصيبينَ من أرض الجزيرة، وإنَّما هو بخازَرَ من أرض الموصل، فقال: والله لا تؤمن يا شعبيّ حتّى تَرى العذاب الأليم، فقلت له: مَن هذا الهَمْداني الَّذي يقول لك هذا؟ فقال: رجل لعمري كان شجاعًا - قتل مع المختار بعد ذلك يوم حَرُورَاء - يقال له: سَلْمان بن حمير من الثوريِّين من هَمْدان؛ قال: وانصرف المختار إلى الكوفة، ومضى ابن الأشتر من عسكره إلى الموصل، وبعث عمَّالَه عليها، فبعث أخاه عبد الرحمن بن عبد الله على نصيبين، وغلب على سِنْجارودَارَا، وما والاها من أرض الجزيرة، وخرج أهلُ الكوفة الَّذِين كان المختار قاتَلَهم فهزمهم، فَلحقوا بِمُصعَب بن الزبير بالبصرة، وكان فيمن قدم على مصعب شَبَث بن رِبْعيّ، فقال سُراقةُ بن مِرْداس البارقيّ يمدح إبراهيمَ بن