الذين كانوا مع ابن الأشتر، فبعثهم مع أحمر بن شُميط، كما كانوا مع ابن الأشتر، فإنهم إنما فارقوا ابنَ الأشتر؛ لأنهم رأوه كالمتهاون بأمرِ المختار، فانصرفوا عنه، وبَعَثهم المختار مع ابن شُميط، وبعث معه جيشًا كثيفًا.
فخرج ابن شميط، فبعث على مقدّمته ابن كامل الشاكريّ، وسار أحمر بن شميط حتى ورد المَذار، وجاء المصعب حتى عسكر منه قريبًا.
ثمّ إنّ كلّ واحد منهما عبّى جنده، ثمّ تزاحَفا، فجعل أحمد بن شُمَيط على ميمنته عَبدَ الله بن كامل الشاكرِيّ، وعلى ميسرته عبَد الله بن وهب بن نَضْلة الجشميّ، وعلى الخيل رزين عبد السلوليّ، وعلى الرجّالة كثير بن إسماعيل الكِنْديّ - وكان يوم خازَرَ مع ابن الأشتر - وجعل كيسان أبا عَمْرةَ - وكان مولى لعُرَينة - على الموالي فجاء عبدُ الله بنُ وهب بن أنس الجُشَميّ إلى ابن شُمَيط وقد جعله على ميسرته فقال له: إنّ المواليَ والعَبيد آلُ خَوَر عند المصدوقة، وإنّ معهم رجالًا كثيرًا على الخيل، وأنت تمشي، فمُرْهم فلينزلوا معك، فإنَّ لهم بك أسوةً، فإني أتخوّف إن طُورِدوا ساعةً، وطُوعِنوا وضُوربوا أن يطيروا على متونها ويُسلِموك وإنك إن أرجلتهم لم يجدُوا من الصبر بُدًّا، وإنما كان هذا منه غِشًّا للموالي والعبيد، لما كانوا لقوا منهم بالكوفة، فأحبَّ إن كانت عليهم الدَّبْرَة أن يكونوا رجالًا لا ينجو منهم أحد، ولم يتهمه ابنُ شميط، وظنّ أنه إنما أراد بذلك نُصحَه ليصبروا ويقُاتِلوا، فقال: يا معشر الموالي، انزِلوا معي فقاتِلوا، فنَزَلوا معه، ثم مَشَوْا بين يديه وبين يدَيْ رايته، وجاء مصعب بن الزبير وقد جعل عَبّاد بن الحصين على الخيل، فجاء عبّاد حتى دنا من ابن شميط وأصحابه فقال: إنّا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، وإلى بَيعة أمير المؤمنين عبد الله بن الزبير؛ وقال الآخرون: إنا ندعوكم إلى كتاب الله وسنة رسوله، وإلى بيعة الأمير المختار، وإلى أن نجعل هذا الأمرَ شُورَى في آل الرسول، فمن زعم من الناس أنّ أحدًا ينبغي له أن يتولّى عليهم برئنا منه وجاهدناه، فانصرف عبَّاد إلى المُصعب فأخبره، فقال له: ارجع فاحمل عليهم، فرجع فحمَلَ على ابن شميط وأصحابه فلم يزُل منهم أحدٌ، ثمّ انصرف إلى موقفه وحمل المهلّب على ابن كامل، فجال أصحابه بعضُهم في بعض، فنزل ابن كامل، ثمّ انصرف عنه المهلّب، فقام مكانَه، فوقفوا ساعةً ثم قال المهلب لأصحابه: كرُّوا كَرّةً